الشعب الليبي.. بين “ابتزاز” النواب و”عبث” الحكومة
الحسين المسوري
رغم أن جزءًا كبيرًا من الشعب الليبي أصابه اليأس من مجلس النواب الحالي، والابتزاز والعبث الذي يمارسه منذ سنوات، حيث يتطلع الشعب إلى الانتخابات المقبلة للتخلص من هؤلاء العابثين؛ إلا أنه لم يكن يتوقع أن يتجدد هذا العبث من “حكومة الوحدة الوطنية” التي استبشر الكثيرون خيرًا بقدومها، على آمل أن ترفع المعاناة عن المواطن البسيط وتحسن ظروف معيشته، وتقود البلاد إلى انتخابات جديدة للتخلص من الوجوه السياسية المتصدرة، حاليًا، للمشهد السياسي.
لكن (حكومة الوحدة الوطنية)، للأسف؛ خيّبت ظنّ الكثيرين، وأصبحت هي الأخرى تمارس العبث نفسه الذي تمارسه الأجسام الموجودة منذ سنوات، وتتصرف كأنها حكومة أبدية وليست حكومة مؤقتة مدتها عشرة أشهر، ومهمتها الرئيسة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 24 ديسمبر 2021.
آخر هذا العبث الذي تمارسه الحكومة الجديدة؛ هو ما جاء في مشروع الموازنة التي قدمتها، أخيرًا، التي بلغت أكثر من 95 مليار دينار ليبي، لحكومة لم يتبقَ في عمرها سوى ثمانية أشهر، وهذا الأمر منافٍ للمنطق والواقع، فكيف لحكومة لم يتبقَ لها سوى بضعة أشهر أن تقدّم موازنة بهذا الحجم تشمل برامج وأوجه إنفاق لا يمكن لهذه الحكومة أن تقوم بها، مثل مشروعات وبرامج التنمية، التي قدرتها بأكثر من 22 مليار دينار، بالإضافة إلى نفقات التسيير والتجهيز والتشغيل، التي قُدّرت بنحو 12 مليار دينار، ونحو خمسة مليارات دينار كنفقات للطوارئ!.
أعتقد أن الحكومة وفق المدة المحددة لها يجب أن تركز وتقتصر موازنتها على ثلاثة محاور محددة، وهي باب المرتبات، الذي قدرته بأكثر من 33 مليار دينار، ونفقات دعم السلع والمواد الأساسية التي يحتاج إليها المواطن، والأموال التي تحتاج إليها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات؛ من أجل إقامة الانتخابات في موعدها بعد نحو ثمانية أشهر.
لهذا؛ يجب ألا ينسى رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن عامل الوقت لا يسمح لحكومته بالخوض في الملفات السياسية المعقدة، ومتابعة مشروعات وبرامج التنمية، فبدلاً من تضييع الوقت؛ عليه التركيز على رفع المعاناة عن المواطن البسيط وتحسين ظروف معيشته عبر فتح منظومة المقاصة بين المصارف في الشرق والغرب لتوفير السيولة، ودعم الدقيق لتوفير الخبز للمواطنين بسعر في متناولهم، وتوفير الوقود، وتسهيل إصدار جواز السفر خاصة للعلاج في الخارج، ومحاولة حلّ مشكلة الكهرباء.