الشحومي: انتحار جماعي برسم سياسة حكومة الوحدة
حفل انتحار اقتصادي و اجتماعي و سياسي وأخلاقي مكتمل الأركان و العناصر و بحشد محلي واستخفاف دولي ورط الجميع؛ هكذا وصف أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة نتونجهام ترنت ببريطانيا، ومؤسس سوق المال الليبي سليمان سالم الشحومي، ما يحدث في ليبيا.
وألقى الشحومي باللائمة على حكومة الوحدة التي تسبب رفضها التسليم للحكومة الليبية في توقف إنتاج وتصدير النفط والذي يعد كارثة بمعنى الكلمة مهما كانت الشعارات والمنطلقات، فقرارات حكومة الوحدة جرت وأعادت البلاد إلى حالة الاستقطاب والمشهد المتكرر للصراع، وجعلت الجميع في موقع أقرب إلى عودة الصراع المسلح مرة أخرى.
ويرى مؤسس سوق المال الليبي أن المنطق الطبيعي للأمور يقتضي ألا تحجب الإيرادات النفطية عن الإيداع بحسابات الحكومة بالمصرف المركزي مهما كانت الدوافع، فالاحتفاظ بها خارج قنواتها الطبيعية؛ يؤدي إلى انحسار قدرة المركزي على تمويل عمليات التجارة الخارجية ويضعف قدرته على تمويل النفقات العامة حتى مع التقيد بالإنفاق المرشد والاقتصار على المرتبات والدعم فقط والتوقف عن الإنفاق على غيرها من الأبواب و البنود، وهذا أمر مرغوب ومطلوب مهم لوقف حالة السيلان المتلازمة مع فساد مالي أقل ما يمكن أن يُقال عنه إنه كارثي و تمارسه شبكة منظمة.
واعتبر الشحومي أن الأصوات التي تنادي بفرض إدارة أجنبية على الإيرادات لا تدرك أن ذلك يعني حتما الدخول في حلقة أخرى من الحلقات المفرغة، فهذا الأمر يعني أن تذهب الإيرادات إلى حسابات الحكومة لدى المصرف المركزي في نهاية الأمر وفقًا للقانون لتسيير الإنفاق العام، ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى سلب ما تبقى من السيادة و مقومات الدولة الوطنية التي تدير أموالها و تنظم شؤونها.
وأشار الشحومي إلى أن توقف إنتاج وتصدير النفط يعني تعثر شامل وهو ما سينعكس على مستويات الأسعار ويجر وراءه التزامات وتعقيدات فنية بقطاع الطاقة، والذي يعد الأمل الوحيد لإعادة الاستقرار الاقتصادي للبلاد وإعادة مسار التنمية لليبيا.
وأضاف أن ما يحدث الآن هو احتفال سينتهي بانتحار جميع المشاركين فيه بإرادتهم، وأن تجنيب إيرادات النفط وجعلها في يد المؤسسة الوطنية للنفط ليس حلا، فهو يعني أن المؤسسة لن تجد موارد لاستمرار أعمالها، كما أنه ووفقًا للقانون؛ فإن المؤسسة تدير عملياتها بالداخل وعبر قوانين الدولة المنظمة ولا يمكن أيضًا للمصرف المركزي أن يستمر في تمويل الإنفاق العام دون توريد الإيرادات و إتاحتها للإنفاق العام اعتمادًا على إقراض الحكومة.
ويقترح الشحومي حلاً لحالة الانتحار الجماعي وهو أن تقر الموازنة العامة من السلطة التشريعية وأن تقيد الإنفاق بشرط الرقابة المصاحبة لوزارة المالية من قبل ديوان المحاسبة وأن توقف مؤقتًا الإنفاق على التنمية وعلى الطوارئ في ظل ضعف مؤسسات الدولة وضعف القدرة على إدارة عمليات التنمية و غرقها في الفساد، مع إمكانية إشراك مكاتب محاسبة وطنية وفقًا لمعايير وقواعد محددة في عملية الرقابة و المراجعة المصاحبة للمؤسسات الحكومية لتسريع قدرة الديوان على القيام بالمهام ضمن مشروع وطني لتعزيز الشفافية و حماية المال العام.
ويختتم الشحومي حديثه بالقول إنه لا بد من التركيز على تنمية و تحسين استدامة النفط والغاز وألا يفقد دوره في مستقبل ليبيا و لابد من مشاركة الجميع في هذا الهدف الأساسي والذي سيُساعد في ترميم الاقتصاد وإعادة الاستقرار.