الشاعر الليبي سالم العوكلي يتحدث عن رحلته مع الشعر والأدب
استذكر الشاعر والناقد الليبي الكبير سالم العوكلي اللقاء الذي أجرته معه بروين حبيب في برنامج نلتقي قبل 12، وقال إنّ أشياء كثيرة ورؤى وأفكاراً تغيرت منذ ذلك التاريخ.
ويُعد الشاعر الكبير أول شاعر ليبي استضافته بروين حبيب في برنامجها.
وتناول الحوار العديد من المحاور والأسئلة التي بدأت بسؤال عن نشأة الشاعر في منطقة الجبل الأخضر، حيث قال الشاعر إنّه عاش طفولة فقيرة، قروية، بائسة، وعمل برعي الغنم، وكانت عائلته تنام في الكهوف الرومانية في فصل الشتاء.
وأشار العوكلي إلى أنّه كان طفلاً انطوائياً، وكان يحاول كتابة الخواطر لكي يخلق نوعاً من الحوار بينه وبين الآخرين، وهذا ما جعله يتعلق بالورقة والقلم.
لعبت طفولته وقربه من الطقس والطبيعة واحتكاكه معها دوراً كبيراً في أشعاره، حيث شكلت مخزوناً كبيراً في ذاكرته كان يعود إليه عند كتابة الشعر.
وتحدث العوكلي عن العلاقة القوية التي تربطه بوالديه وخاصةً أمه شوق الميار التي أهداها قصيدة ما الذي يضحك فينا؟ وقال إنّ أمه هي من منحته الثقة والقدرة على المقاومة، بالإضافة إلى إحساسه بالشعرية من خلال صوت غنائها أثناء الطحن على الرحى، والتي كانت تُعبّر من خلالها عن أشياء مكبوتة بداخلها بشكلٍ رمزي.
وقال العوكلي إنّ مدرس اللغة العربية المصري هو الذي اكتشف موهبته، حيث كان يشيد بكتابته في التعبير مما منحه الثقة، قبل أن يبدأ كتابة الشعر في سن الـ13، وكان البدايات عبارة عن محاولات بسيطة توحي بأنّ لديه شيئاً آخر غير قراءة المناهج، ولعبت كتابته لكلمة الصباح يومياً في المرحلة الإعدادية دوراً في تعزيز ثقافته، لأنّها جعلتها يطلع خارج المنهاج.
وتحدث عن علاقته مع الكتب والمطالعة التي بدأت في سن الـ15 عن طريق شقيقه الأكبر الذي كان يدرس في المدينة، ويجلب كتب معه في العطلة، وقرأ في تلك الفترة عدّة روايات أبرزها الزنبقة السوداء والفضيلة.
وقال إنّه اضطر لدراسة القسم العلمي لعدم وجود قسم أدبي في مدرسته، ودرس الزراعة مع أنها كانت آخر رغبة وضعها في استمارته، وساهمت دراسته للمواد العلمية في تعزيز تجربته الشعرية.
أما عن الشعراء الذين تأثر بهم فقال: إنّه تأثر في أشعاره الأولى بالشاعر السوري نزار قباني، حيث كان يقوم بتقليد شعره والاستعانة بكلماته ومفرداته، حيث كتب في أشعار عن أزهارٍ لم يراها في حياته فقط لأنّ نزار قباني كتب عنها.
وبعد ذلك تأثر بشكلٍ كبير بالشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط وقال عنه: إنّه يعطيك مفاتيح الشعر، لأن الشعر منتشر من حولك ولا عليك سوى اكتشافه، وقال إنّه كان جريئاً في كتابة قصيدة النثر، وأكثرهم قرباً من الحياة.
وقال إنّ الشعر بنظره لعبة، واللغة حقل لعبه بامتياز، حيث بحث فيها عن قواعد خاصة فيه.
مرت تجربته الشعرية بمراحل، حيث كان كل ديوان محطة في حياته.
تأخر في نشر أعماله، وكان أول نشر له في نهاية الثمانينات في مجلة الناقد، ليواصل بعدها نشر أشعاره ودواوينه.
نشر إنتاجه في العديد من الصحف والمجلات الثقافية العربية، وامتلك زاوية ثابتة في الملف الثقافي لصحيفة الجماهيرية الليبية منذ العام 1998 وحتى الآن.
شغل خلال حياته عدّة مناصب صحفية، أبرزها: نائب لرئيس تحرير صحيفة الأفريقية، وعضو تحرير بمجلة لا، وحالياً مديراً لبيت درنة الثقافي.
أكد سالم العوكلي معاناة الشاعر الليبي من الظروف المعيشية الصعبة، والتي تؤثر على إنتاجه الشعري وتجعله أقل.
تميز شعر سالم العوكلي بالرومانسية والرقة والجرأة، وقال إنّه يؤمن بمعظم ما يكتبه من أشعار، ويقرأ جميع قصائده ولا يتبرأ من أي قصيدة منها.
وأشار العوكلي إلى أنّ القصيدة النثرية انتشرت في ليبيا على يدي الشاعرين علي الرقيعي ومحمد شطامي في ستينيات القرن الماضي، وفي السبعينيات اصطدم رواد هذه القصيدة مع السلطات ودخل العديد منهم إلى السجن، فكان شعرهم تعبيراً عن مقاومتهم.
قبل أن يعزز انتشارها جيل الثمانينات بقيادة الشعراء فرج العشي، فرج العربي، مفتاح العماري، والشاعرة فاطمة محمود.
وقال إنّ قصيدة التفعيلة انتشرت بسهولة في ليبيا لعدم وجود سلطة قوية تجاه الحداثة الشعرية، وهذا ما ساعد الشعراء والشاعرات على تبنيها، لتفرض نفسها إلى جانب القصيدة العادية.
تطرق في ديوانه مقعد لعاشقين الذي صدر عام 1996 لفترة التصادم التي وقعت في درنة بين الأمن والجماعات الإسلامية، حيث كان يرى حالات موت مجاني من الطرفين، وكان الأمر مثل الكابوس بالنسبة له، فكتب الديوان كمحاولة لمقاومة العنف الذي يجتاح المدينة.
أما في ديوان ما الذي يضحك فينا مأخوذ فحاول الالتفات إلى أقرب الأشياء إليه والحياة اليومية، وحاول التطوير في الخطاب كقصيدة من أول السطر، والتي حاول جعلها خالية من الاستعارة باستثناء استعارتين جديدتين.
ويرى العوكلي أنّ الشعراء يلجؤون إلى الرواية لأنّها عالم فسيح، ولكي يطرحوا تجربتهم بشكل أفضل، وذلك لأن القصيدة تميل إلى التكثيف والاختزال.
تزوج سالم العوكلي من امرأة فلسطينية تدعى محاسن مصطفى وأنجب منها أبناءه فيروز التي أسماها تيمناً بالفنانة اللبنانية التي تحمل ذات الاسم، فراس، سراج، وأمين.
صدر له سرير على حافة المأتم، مقعد لعاشقين، لا لي، ما الذي يضحك فينا، الوهابة سارقة الموسيقى، وبرق الليل.