السني يؤكد على الولاية القضائية الوطنية في تحقيق العدالة بليبيا
أكد مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر السني، أن الشعب الليبي حريص على بناء الدولة المدنية الحديثة وإرساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، معتبراً أن ذلك لن يتحقق إلا بتفعيل مسار المصالحة الوطنية الشاملة من خلال تفعيل العدالة وإظهار الحقيقة والمصارحة والاعتذار وجبر الضرر، والدعوة للعفو والتسامح.
وجدد السني في كلمة له أمام مجلس الأمن القول إن تحقيق العدالة على الأراضي الليبية هو اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية، مضيفاً أن القضاء الليبي ملتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين، وهو ما يقتضي بأن يكون تعاون ليبيا مع المحكمة الجنائية الدولية حسب الولاية الممنوحة لها يأتي ضمن إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب النائب العام ومكتب المدعي العام بالمحكمة، كدور مساعد للقضاء الليبي.
ورحب المندوب الليبي بالاستراتيجية التي أعلن عنها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والتي ترتكز على إعطاء أولوية للوضع في ليبيا وتوفير الموارد اللازمة والتعاون مع السلطات لتعزيز جهود المساءلة ودعمها، معبّراً عن أمله في أن تساهم هذه الاستراتيجية في دعم مكتب النائب العام الليبي، من أجل تنفيذ مسار العدالة الانتقالية وعدم الإفلات من العقاب أو وجود انتقائية أو تسييس للقضايا.
وطالب السني المحكمة بالإفصاح سريعاً عن نتائج تحقيقاتها بعد زيارة فريقها لليبيا ثلاث مرات خلال أكثر من عام، خاصة فيما يتعلق بالمقابر الجماعية المكتشفة في مدينة ترهونة، وغيرها من الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبت منذ عام 2011 دون استثناء أو تسييس، بهدف معرفة المتورطين محلياً ودولياً والمساهمة في دعم مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الشاملة.
وأشار السني إلى أن ليبيا حريصة على حماية المهاجرين غير القانونيين، مؤكدا رفضه وإدانته لأي خروقات أو انتهاكات قد يقوم بها الخارجون عن القانون، والتي تعتبر أعمالاً فردية تعمل الدولة على التصدي لها حسب وصفه، منوهاً بأن ليبيا لن تقبل أي محاولات من بعض الدول لخلق وفرض ظروف من شأنها تصدير أزماتهم لليبيا وتأسيس مبدأ التوطين، في مخالفة للقوانين والتشريعات الوطنية.
واستغرب السني موقف المجتمع الدولي الذي وصفه بالسلبي تجاه تجار البشر، من خلال التركيز فقط على المتورطين داخل ليبيا بالرغم من أن تجار البشر وشبكاتهم الدولية هي عابرة للحدود، ولذلك يجب القضاء عليها أينما وجدت، مطالباً مدّعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان بأن تتضمن استراتيجية المحكمة الجديدة تحقيقات شاملة لكشف وملاحقة هؤلاء المجرمين الدوليين والمرتبطين بوضع المهاجرين في ليبيا، وفرض العقوبات عليهم دون استثناء، سواء كانوا في دول المصدر والعبور في أفريقيا أو دول المقصد في أوروبا.
واختتم السني كلمته بالتأكيد على أن المؤسسات القضائية الوطنية قادرة على إرساء العدالة رغم كل التحديات التي تمر بها البلاد، حاثاً أعضاء المجلس على دعم كافة الجهود الوطنية لبناء المؤسسات ودعم الاستقرار، وإنهاء كافة أنواع التدخلات في ليبيا، مطالباً في الوقت ذاته باحترام المُلكية والقيادة الليبية للحل الشامل، واحترام ما توصل إليه الليبيون من توافق وخارطة الطريق ومخرجاتها، ودعم الحوارات الجارية لإنهاء كافة المراحل الانتقالية المؤقتة وتوحيد المؤسسات، حتى يمكن تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات العامة بشكلٍ صحيح وبمشاركة الجميع، وحتى يمكن الوصول إلى حالة من الاستقرار، يمكن من خلالها بها بناء دولة العدالة ودولة القانون.