السراج يستنجد بأفريكوم لتغيير موازين القوى في طرابلس
جهود لإقناع القيادة العسكرية الأميركية بالتدخل بحجة وجود خلايا نائمة لداعش في ليبيا
الجمعي قاسمي
تونس- لم يكن اجتماع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، مع الجنرال توماس وولدهاوزر، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، المعروفة اختصارا بـ”أفريكوم”، معزولا عن التطورات العسكرية المُتلاحقة التي تشهدها العاصمة طرابلس، ولا هو خارج السياق العام للتحركات السياسية التي تستهدف رسم ملامح المرحلة المقبلة في ليبيا.
لكن توقيت هذا الاجتماع أثار ضجيجا سياسيا تردد صداه في غرب وشرق ليبيا، وسط خشية مُتنامية من أن يكون السراج يُحاول الاستقواء بالولايات المتحدة لتغيير موازين القوى العسكرية في طرابلس، لصالحه وفق معادلات جديدة يُحدد الواقع الميداني اتجاهها بأبعادها السياسية المُختلفة.
وعُقد هذا الاجتماع الخميس، بتونس التي وصلها الجنرال توماس وولدهاوزر، في زيارة لم يُعلن عنها من قبل، وشارك فيه السفير دونالد بلوم، القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، وعدد من كبار ضباط أفريكوم.
وقالت حكومة الوفاق في بيان لها، إن الجانبين الليبي والأميركي “بحثا خلال هذا الاجتماع تطورات الموقف السياسي والأمني في ليبيا، وما شهدته العاصمة طرابلس في الآونة الأخيرة من أعمال عنف، والعلاقات الثنائية بين البلدين”.
كما تم خلاله أيضا “التطرق إلى الجهود المشتركة في مواجهة تنظيم داعش، وتنظيم القاعدة”، حيث أشار الجنرال توماس وولدهاوزر إلى “أهمية التعاون الاستراتيجي بين البلدين، مُؤكدا في نفس الوقت “استمرار قوات أفريكوم في متابعة فلول تلك التنظيمات، واستهدافها عسكريا بالتنسيق مع حكومة الوفاق”.
غير أن بيان حكومة الوفاق الوطني الليبية، لم يُبدد المخاوف التي سيطرت على البعض من فرقاء الصراع في ليبيا، حيث تباينت الآراء حول الاستهدافات السياسية الكامنة وراء هذا الاجتماع.
واعتبر إسماعيل الشريف، عضو مجلس النواب (البرلمان) الليبي، في اتصال هاتفي مع “العرب”، أن اجتماع السراج بقائد أفريكوم، في هذا التوقيت، حمل في طياته رسائل واضحة إلى التشكيلات العسكرية المُتناحرة في العاصمة طرابلس.
وقال إن أهمية تلك الرسائل تكمن في اقترانها بتصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، التي أكد فيها بلغة دبلوماسية لا تُخفي تهديدا مُبطنا، أنه يعرف الأطراف التي قصفت مطار طرابلس، وأنه سيكشف عنها بالاسم، “ما يعني فرض عقوبات عليها”.
وذهب إسماعيل الشريف إلى حد القول إن اجتماع السراج مع قائد أفريكوم يأتي في هذا الإطار، وبالتالي فإن مضمون الرسائل المُنبثقة عنه لا يقتصر على البعد العسكري أو السياسي، بل يشمل مختلف الجوانب.
ولفت إلى أن استمرار الاقتتال في طرابلس يؤثر على العملية السياسية برمتها ويشكل تهديدا واضحا للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
وتوقع في المقابل، أن يكون السراج قد طلب من قيادة أفريكوم التدخل عسكريا في طرابلس بما يُعدل موازين القوى لصالحه، لكنه استبعد استجابة الجانب الأميركي لمثل هذا الطلب، لاعتبارات عديدة مُرتبطة بتعقيدات المشهد الميداني، وتشابك الأجندات الإقليمية والدولية.
ويرى مراقبون أنه ليس هناك أي ضمانة على الأرض تشي بأن امتناع واشنطن عن التدخل العسكري ولو بضربات جوية مُتفرقة لتغيير معادلات على الواقع الميداني، سيتواصل، خصوصا أن الرسالة الأميركية واضحة في التأكيد على الاستمرار في دعم حكومة السراج في محاربتها للإرهاب.
ودفع هذا التأكيد الذي عبّر عنه السفير دونالد بلوم، القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، خلال اجتماع تونس بين السراج وقائد أفريكوم، الناشط السياسي الليبي المُقيم في فرنسا، كمال مرعاش، إلى التحذير من خفايا مُخرجات اجتماع تونس، وخاصة منها المُرتبطة بالتنسيق الأمني والعسكري بين حكومة السراج وأفريكوم.
وقال في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن القراءة الموضوعية لما بين سطور الرسائل الأميركية، والليبية من وراء هذا الاجتماع بتوقيته الذي وصفه بـ”المُريب”، تُشير إلى أن مُجريات الأحداث وتطوراتها في ليبيا، قد تشهد في قادم الأيام إيقاعا جديدا ستُحدده إرهاصات الواقع الميداني في طرابلس.
واعتبر أن السراج الذي غادر مباشرة تونس بعد هذا الاجتماع إلى العاصمة البريطانية، “يتوقع انهيار الهدنة في طرابلس، في أعقاب إعلان بعض التشكيلات المُسلحة انضمامها إلى اللواء السابع، لذلك سارع إلى لقاء قائد أفريكوم”.
وكشف أن السراج سعى خلال هذا الاجتماع إلى محاولة إقناع القيادة العسكرية الأميركية بالتدخل في طرابلس بحجة وجود خلايا نائمة لتنظيم داعش، الذي تبنى الهجوم الإرهابي الذي استهدف قبل نحو أربعة أيام مقر المؤسسة الوطنية للنفط بالعاصمة طرابلس.