السراج.. وخطر استخدام “ورقة مصراتة”
تقرير | 218
خلال 8 سنوات مرّت على ليبيا 5 شخصيات تولّت منصب رئاسة الوزراء، آخرها فائز السراج الذي خرج عن هدوئه المعهود، لأول مرة، في أحداث العاصمة الأخيرة.
فائز السراج رغم ضعف أدائه الذي يراه كل المتابعين واضحاً، إلا أنه يُعتبر نسبيا أفضل الشخصيات الخمسة التي تولّت المنصب .. فهو لم يدعم الإسلام السياسي بأذرعه العسكرية كما فعل الكيب، وزيدان، ولم يتشبّث بالكرسي كما تشبث به عبدالله الثني الذي أصبح أكثر من بقي، في منصب حكومة مؤقتة، كان مقدرٌ لها أن تستمرّ أسبوعين فقط، ولا مثل محمود جبريل، الذي قاد حكومة عشوائية أنهت فترتها، بتسليم ليبيا فبراير للإسلاميين .
الفترة الأكثر فسادا في حقبة الشخصيات الخمسة، هي فترة السراج، بحسب تقارير وبيانات ديوان المحاسبة، حيث تغلغل الفسادُ وازدهر بشكل كبير، مع وقوع السراج تحت تأثير دائرة أصدقائه ومعارفه الضيقة. وبالرغم من المبالغ الطائلة التي أنفقها السراج على الجماعات المسلحة، إلا أنه لم يستطع أن يُكوّن قوة لها تأثير على الأرض، أو حتى القدرة على حمايته شخصياً.
لم يحسن السراج اختيار قياداته العسكرية على عكس ما كان من قيادة الجيش الوطني، فقد بدأها بتعيين الفريق عبد الرحمن الطويل رئيساً لأركانه قبل أن يتخلى عنه ويجردها من بعض الرتب العسكرية التي منحها له .. ومن ثم عين نجمي الناكوع رئيساً للحرس الرئاسي ومن ثم يقيله، ليأتي أخيرا باللواء محمد الشريف ويعينه رئيساً للأركان.
شخصية السراج رغم ميلها إلى السلم، والاحتكام إلى العقل في كل المناسبات والخطابات.. إلا أنه لم يستطع أن يترجمها على أرض الواقع، والشواهد كثيرة.
اليوم لن يستطيع السراج أن يقف على الحياد، ولا أن يدعو إلى لغة العقل، فهو أمام مرحلة حاسمة، ويقود وإن شكليّا- مجموعات مسلحة مختلفة. جزء منها لم يكن يعترف بالسراج، وجزء آخر اجتهد كثيراً في قتال السراج ومحاولة السيطرة على المطار، لكنها اتّحدت اليوم تحت رايته.
الملاذ الآمن للسراج، حسب ما يرى الآن، هو محاولة استقطاب مدينة مصراتة، وجرّها لدخول معركة العاصمة. وهذا أمر لا يخلو من مخاطر للطرفين .. إذ إنّ ذكرى نجاح الإسلام السياسي في استخدام إمكانات المدينة في الإطاحة بالمشروع السياسي، واحتلال العاصمة لازالت حاضرة. واليوم وفي ظل تنامي التيار الوطني الليبي في مصراتة أصبحت الأمور أكثر صعوبة في هذا الاتجاه .
وحتى في حالة نجاح السراج في استقطاب قوى من مصراتة لمعركة طرابلس، فقد يدفع ذلك سريعا بسكان العاصمة إلى إعلان تأييدهم للجيش الوطني، عطفا على ذكريات فجر ليبيا ..غير السّارة.
خيارات السراج كلها مُرّة .. فمن جاء بالصدفة للحكم في مرحلة باهتة خالية من الإنجازات، قد لا يخرج بنفس الصدفة ..لأنّ الأمور تتغير .