الدباشي: ساصوت بلا لمشروع الدستور القادم
ابراهيم الدباشي
رغم ان اعتماد قواعد دستورية تجري على اساسها الانتخابات اصبح ضرورة ملحة وعاجلة، الا انني مثل الكثيرين لاحظت خللاً كبيرا في صياغة ومضمون مشروع الدستور، وكأي مواطن ليبي يهمني ان أرى دستوراً ليبياً واضحاً في عباراته ودقيقاً في مصطلحاته، يخدم مصلحة عامة الليبيين على المدى القريب والبعيد ويلبي طموحاتهم، وهو ما لا يتوفر في مشروع الدستور المطروح، والذي اعتقد انه لن يساهم في حل مشاكل البلاد بقدر ما يزرع بذور مشاكل ستنمو وتترعرع مع الزمن ويستغلها الاعداء والحاقدون والعملاء والجهلة لتدمير البلاد. ويمكن ان الخص موقفي من مشروع الدستور فيما يلي:
اولاً رغم انني سايرت الاتجاه العام وما قررته الاجهزة المعنية بانتخاب هيئة للصياغة، الا انني لم اكن راضٍ على آلية صياغة الدستور وتوقيت الصياغة؛ فلا يمكن لهيئة منتخبة ان تصيغ دستور من الالف الى الياء دون ان تستعين بمشروع اعده الخبراء ودون ان تعرض نتائج اعمالها في وسائل الاعلام ورصد الملاحظات ودراستها، ودون ان يتم استفتاء الناس في بعض المسائل الخلافية الهامة مثل تقسيم البلاد الى اقاليم ونظام الحكم والنشيد الوطني وشعار الدولة وعلمها… الخ، ودون ان يكون لها اي وسيلة متاحة لاتصال الجمهور بها.
ثانيا ارى ان الدستور لا يمكن وضعه في ظل عدم الاستقرار والانقسام وغياب سلطة شرعية قوية.
ثالثا اعتقدان العودة ستين سنة الى الخلف والاصرار على تقسيم ليبيا الى ثلاثة اقاليم، بحجج تاريخية، لم يعد لها اي اثر في الواقع، ليس سوى زرع لبذرة التقسيم المرحلي تنفيذاً لرغبات قادمة من وراء الحدود على يد افراد لهم طموحات شخصية اكبر من قدراتهم الفعلية.
رابعا ان تشتيت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وتوزيعها على عدة مدن، في ظل تخلف البنية التحتية وسوء الاتصالات والمواصلات، ستكون له نتائج كارثية على ادارة الدولة وتحقيق الحكم الرشيد.
اما بخصوص مواد الدستور، وبعيدا عن المواد الخلافية، فانني ومن واقع خبرتي كنت اتمنى اعادة صياغة بعض المواد على النحو التالي لتعبر بدقة عن المضمون وتعكس الهدف الذي توخته الهيئة:
المادة (11) تقوم علاقة الدولة مع الدول الاخرى على أساس المصالح المشتركة، واحترام مباديء حسن الجوار، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفض المنازعات بالطرق السلمية.
المادة (12) تقوم السياسة الخارجية على مباديء استقلال الدولة، وسيادتها، وضمان مصالحها الوطنية، وتنمية العلاقات الودية مع الدول الاخرى، والعمل في إطار المنظمات الدولية والإقليمية والتعاون معها وفقاً لقواعد القانون الدولي.
المادة (13) تكون نصوص المعاهدات والاتفاقيات المصادق عليها دون تحفظ في مرتبة اعلى من القانون وأدنى من الدستور، وتتخذ الدولة التدابير اللازمة لإنفاذها بما لا يخالف هذا الدستور.
( النص الوارد في المشروع يتحدث عن الاتفاقيات كاملة ولا يستثني ما تحفظنا علية بسبب تعارضه مع الشريعة الاسلامية).
المادة (18) تستبدل عبارة “حماية البيئة وسلامتها التزام على الكافة” بعبارة “حماية البيئة وسلامتها التزام على الأشخاص المقيمين في البلاد والكيانات العاملة فيها كافة” …..
المادة (37) يستبدل العنوان بعبارة ” الجرائم الخطيرة” حتى يغطي العنوان كل الجرائم المذكورة وينسجم مع لغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
المادة (104) اختصاصات رئيس الجمهورية:
تعاد صياغة الفقرة الفرعية (8) كما يلي:
” اعتماد السفراء لدى الدول الأجنبية والممثلين لدى المنظمات الدولية، وتلقي أوراق اعتماد سفراء الدول وممثلي المنظمات الدولية فى ليبيا”.
المادة (170) تستبدل عبارة “التوازن البيئي” بعبارة “حماية البيئة” لان الاولى تتعلق بالحفاظ على تنوع النباتات والحيوانات والحشرات، أم الثانية فتتعلق بالحماية من الغازات الضارة والملوثات والتصحر وهي المقصودة.
المادة (171) تضاف في بداية المادة العبارة التالية: ” تلتزم الدولة بتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الموارد القابلة للنضوب”، وإنشاء مشاريع ….الخ
لكل هذه الأسباب ارى ان مشروع الدستور في حالة اعتماده بصيغته الحالية سيضع الاساس لمشاكل جديدة وخطيرة على وحدة البلاد وسيادتها، ولذلك سوف اصوت بلا لمشروع الدستور عند طرحه للاستفتاء، رغم ان هذا الموقف للاسف يتفق مع موقف أقلية عبثية لا تريد الخير لليبيا وتعارض المشروع ظاهريا بمزاعم جهوية.
ويبقى تعديل الاعلان الدستوري وجعله اساساً للانتخابات القادمة البديل المناسب الذي يبدو ان غالبية الليبيين تؤيده في هذه المرحلة.