الحوكمة والشفافية وأهميتهما لقطاع الطاقة
علي الفارسي
المؤسسة الوطنية للنفط أول مؤسسة ليبية تعلن عن إيراداتها بشكل دوري ومستخدمة مبدأ الشفافية أيضا، وهي لا تملك أي دور أو سلطة أو صلاحية في تخصيص أو توزيع الميزانيات والإيرادات، وذلك وفقاً للآلية المالية القانونية القائمة منذ قبل عام 2011؛ حيث تستلم المؤسسة ميزانيتها من وزارة المالية، كما هو الحال مع باقي الهيئات الممولة من الخزانة العامة. وتتمثل المهمة الرئيسية للمؤسسة في استكشاف وإنتاج وتصنيع وتصدير النفط والغاز ومشتقاتها.
ونحن نستذكر ما تطرق له مهندس مصطفى صنع الله قائلا لقد طالبت مراراً وتكراراً بالتوزيع العادل لإيرادات النفط الوطنية كما دعيت إلى ضرورة تحلي الجهات الحكومية بالمزيد من الشفافية في هذا الصدد. فهذه المشكلة هي واحدة من أهم المشاكل التي تواجه بلادنا. وقمنا بنشر بيانات الإيرادات الشهرية اعتماداً للمبادئ الرئيسية لمعيار الإبلاغ المالي الذي تنص عليه مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، وذلك حرصاً على ترسيخ مبدأ الشفافية وسعياً من المؤسسة لأن تكون المعيار الذي تستخدمه المؤسسات الليبية الأخرى لتقييم أدائها.
يتكرر اليوم مصطلح الحوكمة كثيرا بين العاملين في الشركات ويعتبر من المصطلحات المتعارف عليها في بيئة الأعمال المالية والتجارية والمهنية، ولكننا اليوم نشهد حضورًا واسعًا لهذا المصطلح حتى في مؤسسات القطاع العام وهيئات الدولة ومرافقها، ربما يأتي ذلك على ضوء أهمية الحوكمة وأبعادها التي تنتج عن تنظيم القطاعات من خلال حسن توظيف المختصين في المجالات القانونية والمالية والإدارية والاستفادة من قدراتهم التخصصية.
للحوكمة أبعاد تاريخية ربما ليست بالبعيدة كونها من المجالات التي ظهرت في أواخر القرن الماضي، إلا أنها تعتبر اليوم موجودة بشكل واضح اليوم، حيث إنها تهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف لتنظيم المنشآت وتحقيق عنصر الاستدامة بها، ولكي تحد من المخاطر التي تواجه المنشآت نتيجة مزاولة أعمالها.
فالحوكمة عبارة عن وضع السياسات والأطر التنظيمية داخل المنشأة التي تتناسب مع تحقيق أهدافها بشكل ينظم صلاحيات العاملين بها ويمنع ويحد من التجاوزات والمخالفات التي تؤثر على تحقيق المنشأة لأهدافها، وتمنع وتحد من تعارض المصالح التي تؤثر على اتخاذ القرار داخل المنشأة، فهي تحقق بيئة تنظيمية وتشريعية مناسبة داخل المنشأة تساعدها على السير في الطريق الصحيح للوصول إلى أهدافها من خلال عكس أفضل التجارب والممارسات.
يتضح من الأسطر السابقة أن للحوكمة عديد من الجوانب والأهداف التي تحققها داخل أي منشأة على اختلاف طبيعتها أو نوع أعمالها، ولكننا اليوم نتناول الحوكمة في هذا المقال من حيث أثرها في الحفاظ على موارد الشركة وتنظيم مصروفاتها.
ربما يتساءل القارئ الكريم عن تأثير الحوكمة على الجوانب المالية التي تخص عمليات الإنفاق أو الموارد، وهنا تجدر الإشارة إلى وجود حوكمة واضحة لصلاحيات إدارة المنشأة وكبار تنفيذييها وجميع العاملين بها يؤثر على كل قرار يصدر بالمنشأة بما في ذلك ما يتعلق بالجوانب المالية من حيث الموارد ومن حيث الإنفاق.
كل ذلك يساهم ويؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على موارد الشركة المالية وعمليات إنفاقها مما يؤدي إلى استقرار مركز الشركة المالي أو اختلاله.
كما يجدر التوضيح إلى هذه العمليات التنظيمية والتشريعية التي تتم من خلال حوكمة المنشأة لا تحقق وحدها النجاح للمنشأة، بل هي تعتبر عنصرا رئيسيا في نجاح أي منشأة.
يمكننا أن نقول إن حوكمة المنشأة مع تشكيل فريق عمل إداري وتنفيذي وفني قادر على تحقيق أهداف المنشأة يسهم في الوصول إلى اتخاذ قرارات منظمة وإيجاد حلول في مواجهة كل التحديات والوصول إلى منشأة منظمة في إنفاقها قادرة على استثمار مواردها من خلال تحقيق استدامة في سوق العمل وخلق بيئة جذابة للاستثمار.
كانت هذه لمحة عن أثر الحوكمة في هذا الجانب وللحوكمة جوانب ومجالات وآثار يطول بحثها أو الكتابة عنها.