الحل السياسي “مؤجل” مقابل “واقع الجبهات”
تقرير| 218
منذ أن انطلقت عمليات الجيش الوطني في طرابلس لم تعد العملية السياسية بذات الأهمية حتى أنها تراجعت على حساب حقيقة “الميدان”.
فقبل الحرب التي أطلقها الجيش الوطني للدخول إلى طرابلس كانت العملية السياسية تمر بـ”ضيق تنفس”، وكانت كل الأجسام والأطراف تنتظر ما سينتج عن الملتقى الجامع الذي كان مفترضاً له أن يكون منتصف أبريل الماضي.
والآن ومع دخول العملية العسكرية شهرها الثاني صارت العملية السياسية أكثر تعقيداً وبدور أكثر خجلاً وحياءً، فهناك انقسام شديد الخطورة في جسد مجلس النواب يتمثل بوجود نواب في طرابلس يرفضون الأمر الواقع، وآخرين في طبرق يحاولون الحفاظ على قواعدهم ومواقفهم.
في جانب الوفاق يحاول فائز السراج وأحمد معيتيق وفتحي بشاغا، أو ما يسمون بـ”صقور الوفاق”، الدفع بخطوة مجلس النواب للأمام ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن ينعشوا حكومتهم ويحسنوا صورتها أمام المجتمع الدولي بصمود في جبهات القتال وجولات مكوكية تجوب عواصم الدول الكبرى، لكن هذه الخطوة لم تسفر عن شيء إلى الآن.
من جهة أخرى تحاول بعض الشخصيات خصوصاً تلك التي عارضت الاتفاق السياسي واعتبرت المجلس الرئاسي غير شرعي ومنبثقاً من العدم، تحاول بكل جهدها أن تنسى خلافاتها معه وأن تصطف مرحلياً بجانبه على أمل أن تعيد تموضعها في الخارطة السياسية التي فقدت جزءا كبيراً من أجزائها في السنوات الماضية.
وهناك أيضاً المجموعات المسلحة في طرابلس التي رمت بكل ثقلها لمواجهة الجيش لا لمشروع واضح المعالم بل لإعادة التموضع في مكان جيو استراتيجي كانت قد فقدته لحساب مجموعات طرابلس التي انفردت بالمشهد طيلة سنوات وأكلت الجمل بما حمل.
وسط هذه الخلطة المعقدة والتي تحتاج إلى نفس طويل لتفكيك خيوطها لا يبدو أن هناك أثراً ملموساً من قبل البعثة الأممية، فالمبعوث الأممي غسان سلامة إلى الآن لم يخرج في مؤتمر صحفي ينهر فيه المتقاتلين ويجبرهم على ترك السلاح ويلوح لهم بعصا المجتمع الدولي الذي انقسم على نفسه بين داعم للجيش ورافض له ومنتظر ميل الكفة وهو ما قد يوحي بأن العملية السياسية ستظل تتأرجح وتترنح إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الجبهات.