الحزب الأكثر نجاحًا في ليبيا!
الحسين المسوري
أعتقد أن ما يسمى شعبياً حزب (أجعني قبلك) هو الحزب الوحيد الناجح في ليبيا لأنه ينسب الفضل لصاحبه ولا يجد غضاضة في ذلك، رغم أنه يواجه للأسف من الكثيرين بالسخرية وحتى الطعن في رجولتهم، ورغم أن العقيد معمر القذافي جرم الأحزاب، إلا أنه طيلة فترة حكمه لم يعتقل أو يحاكم أعضاء حزب (أجعني قبلك) لكن جزءًا من المجتمع الليبي يجرم أعضاء هذا الحزب المحترمين ويسخر منهم، ووصل الأمر إلى اعتبارهم ناقصي الرجولة!
حزب (أجعني قبلك) هو وصف يطلق على مجموعة من الأزواج يقومون بتقدير واحترام زوجاتهم ويفخرون بهن ولا يخجلون من نسب نجاح أسرهم إلى حسن تدبير الزوجة ولايخفون حبهم لهن، وعادة ما يشير إليها في حديثه بأن (الأبلة) (قالت لي) أو (دبرت علي) وينسب النجاحات التي حققها في حياته ما بعد الزواج وفي مجالات مختلفة سواء مشروعه التجاري أو النقلة النوعية في السكن الجديد أو المستوى العلمي أو حتى في أمر اجتماعي يعود الفضل فيه لرأي ونصيحة زوجته الذكية.
تتميز هذه الفئة بأنك لن تجد أبناءهم يسرحون في الشوارع، فهم من المدرسة إلى البيت إلى فرقة الكشافة أو النادي أو دورة تدريبية أو كورس لغة، أو حتى عمل في فترة المساء، فوقتهم منظم بين الدراسة والهواية واكتساب مهنة ومهارة تفيدهم في حياتهم، وهذا راجع في الغالب لشخصية الزوجة التي تنظم الأسرة وكلمتها قوية على الأبناء، عكس الأم مسلوبة الإرادة ضعيفة الشخصية نتيجة تهميش الزوج لدورها التربوي ويعاملها كخادمة للبيت والأولاد، فهذا البيت لابد في الغالب يعج بالفوضى وبالتالي يصدرها للشارع، حيث المواقف السلبية التي نراها من بعض الأطفال والشباب يوميًّا.
ورغم أن الكثير يشهدون ويقرون بأن نجاح أسرة ابنهم أو شقيقهم أو جارهم أو قريبهم أو صديقهم يعود إلى زوجته التي تتمتع بسمعة طيبة وأخلاق حميدة ورجاحة عقلها وقراراتها الحكيمة وأنها السبب وراء تفوق الأبناء في الدراسة وهي خلف هذه التربية الحسنة وظهور الأبناء بمظهر لائق وتربية وأدب وأخلاق رفيعة، إلا أنهم في نفس الوقت لا يستسيغون تفوق المرأة على الرجل فيعودون للهمز واللمز، حين يتعلق الأمر بالزوج فيصفونه بأن فلان من حزب (أجعني قبلك) في محاولة للسخرية والنيل منه.
ورغم التهكم الذي يتعرضون له، يشكل هؤلاء الأزواج المحترمون الحزب الأكثر نجاحاً في ليبيا لأنهم استطاعوا تكوين أسر ناجحة قدمت شبابًا وشابات رائعين مهذبين متعلمين، حيث ينعكس نجاحهم على المجتمع بشكل إيجابي حين تقابلهم كموظفين في مؤسسات الدولة وباقي مرافق الحياة العامة.
أما سبب هذه التسمية التهكمية حزب (أجعني قبلك) فهو يعود لقول شاعر شعبي:
(يالعزيز أجعني قبلك * وين الموت الله يكتبلك)، وهو أشبه بالدعاء للزوجة بطول العمر، لدرجة أن هذا الزوج يتمنى أن تعيش زوجته أطول فترة منه وأن ألا يفقدها أبدًا طول حياته، وبما أنهما منسجمان وسعيدان وأن الموت سنة الحياة وهو الوحيد الذي سيفرق بينهما، فإنه يتمنى أن يرحل قبلها لأجل أن لا يعيش باقي حياته دونها.