الحب للمحبين والكره لرفاق الشياطين
عصام جادالله
غالبا ما يسود الحب وينتصر الخير في نهايات القصص العالمية، والأساطير القديمة، وفي جُلِّ الأديان السماوية.. فالمحبة بمفهومها العام شيءٌ جميل، وتأخذنا بمعانيها المختلِفَة إلى عالمٍ مليءٍ بأحاسيس لا يستطيع التحدّث عنها إلا من عاشها… ولا ينحصر مفهومها المطلق بالحبِّ بين عاشقين، إذ تحملُ بين حروفها مشاعرَ صادقة باتجاهات مختلفة، سواء حب الوالدين، الأخوة، والأصدقاء، أو حتى الزملاء وغيرهم، وتكون أقوى أحياناً تجاهَ حيوان أليف في المنزل حيث تصل العلاقة بيننا وبين تلك الكائنات الودودة إلى درجات سامية من الحب الحقيقي، لتكتمل صورة المحبة بجميع ألوانها وأحاسيسها.
في الوقت ذاتهِ لا تستغرب حينما تجد هناك من لا يَعلمُ ما تَعنيهِ كلمَةُ “حب”، بل من الغريب أن المحبّة ليست ضمنَ حساباته أصلا، والأصعب عندما يحاط بك أصحاب هذه النظرية في مجتمعك يمينا ويسارا، ما سيأخذك لتساؤلات كثيرة وعميقة أولها:
هل الذي لا يعلم معنى المحبة ويتجاهلها قادر على العطاء وتقديم الدعم المعنوي والنفسي لك، ولكل من حوله؟
من المفترض أن الإجابة لا تحتاج الكثير من التفكير، فالحب وحده القادر أن يجعل لحياتنا ألوانا متعددة زاهية، فإذا ما امتد حبنا لبعضنا بصدق؛ لتغيرت أشياء كثيرة في حياتنا.
الحب يظل مرتبطا بشكل وطيد بالسعادة، ومن خلاله يمكن للإنسان أن يستمر في مسيرته دون أن يجد عراقيل أمامه، ويجعلنا مختلفين قادرين على التغيير وتقديم كل شيء جميل ومميز، دون أن ندرك ذلك حتى!
لكن إذا نظرنا من حولنا خاصة في السنوات الأخيرة؛ نلاحظ أن الكثير منا فقد المحبة ومعانيها، وللأسف لم يعد الود يجمع الكثير من أبناء وطننا الواسع والمترامي الأطراف والمتنوع باختلافاته الثقافية الجميلة، ولم يعد هناك الكثير ممن يسعون للحب بقدر الذين يدعون للكراهية والبغض وغيرها من صفات “رفاق الشيطان” الذين لا يعنيهم الوطن وجمعه بمودة لا تفرق بين كل أبنائه، هؤلاء لربما لم يكونوا بالأساس من أبناء هذا الوطن.
وتظل التنشئة منذ الصغر أهم الأسس في نشر مفاهيم المحبة، وتربية الأجيال على ذلك ستخلق مجتمعات تنبذ العنف والكراهية ومنفتحة على الآخر، ودليل ذلك أنّ المجتمعات التي تزرع في نفوس أطفالها المحبة والعطف منذ سن الطفولة؛ أنتجت أجيالا لا يجدُ الكره والعنصرية مكاناً فيها، بالإضافة إلى عطائها ونجاحها في مجالاتها العملية.
تلك الأجيال أصبحت تعمل على مد يد العون للمحتاجين داخل مجتمعاتها وخارجها، باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم، فلو أعطينا مساحة داخل بيوتنا لتعليم أطفالنا معنى الحب والمودة سواء عن طريق تربية حيوان أليف، مثلا، أو عن طريق عملية تثقيفٍ منزلي تبنى عليها، لتغيَّرَ الكثيرُ من المفاهيمِ الرائجَة لدينا.
أمَّا المؤسساتُ التعليمية فيُفترَضُ منها تخصيصُ مساحاتٍ واسعةٍ مِن نشاطاتِها ودُروسها المنهجية لترسّخَ ذلك، بالتعاونِ مع المكاتبِ التربوية في الوزارت المختصة، وتكون مساندة لهم وليس بعيداً عن دور الأب والأم الأساسي لتعزيز تلك المفاهيم.
إنْ توفّرَ كلُّ ما سبق، سَاهمْنا في إنتاجِ أجيال تعطف وتحبُّ .. منفتحَةٍ على الآخَر، تنبذ العنف، وتنشر الخير.