الحب لا يخشى مناوئيه
فرج عبدالسلام
دأب كثيرون في بلادي على تشويه عيد الحب والنيل من معانيه النبيلة وآخر معارك(هم) الدونكيشوتية، بيانُ أوقاف المؤقتة الذي يثير الشجن، ويذكرنا بمعارك(هم) التي لا تخمد نارها ضد البهجة وأساس الحياة. وقد تذكرتُ صراعا مشابها في وسائل الإعلام عام 2007 كتبتُ حوله مقالا بعنوان “ما الحياة بدون حب” في ما يلي فقرة منه تعبر عن واقع الحال المايل:
) لماذا هذا الجفاء والجفاف الذي يغلف عوالمنا وكأنه عيبٌ أو حرام أن نحِبّ أو أن نُحَب؟ وقد يصل الأمر إلى اتهام من يدعو إلى المحبة بالعمالة للاستعمار والصهيونية، وبالمجون أو الابتذال.
لنراجع أنفسنا بجدية… ألم نُخلق بفعل الحب؟ وهل كان بعض الفلاسفة العظام مخطئين عندما وصفوا الحب بأنه المحرك الرئيس لهذا الكون البديع؟
إن قليلا من الحب في حياتنا (سيعمل العمايل)، وهذه في رأيي بعض مجالات وصور الحب، وليس لترتيبها علاقة بأهميتها حتى لا تصدر التهم بحقي جزافا:
محبة الآخر، أي “العشق”، وحب الوطن، والمدينة، والشارع حيث تدفعك أبسط صُور المحبة ألا تلقي فيها بالقاذورات، وحبُّ العمل المنتج الخلاّق، وحبّ مفهوم الإنسانية، وحبّ الحياة والاستمتاع بمباهجها، وحبّ الالتزام، والنظام، والنظافة، وحبّ العائلة، والوقوع في أسر ابتسامة بريئة لطفل تمسّ شغاف قلبك وتعيد تشكيل أسارير وجهك فتترصّد رؤيتها من جديد، وحب الجمال بكافة صوره، تراه فتنطلق منك كلمة (الله) بدون وعي، ومحبة الأصدقاء، والتماهي مع صوت أو لحن جميل يأسرُك ويسمو بنفسك، والاستئناس بكتاب رائع يخلب الألباب ويوسّع المدارك، والانشداه أمام صورة أو لوحة رائعة ابتدعتها يد فنان أو فنانة، وحبّ طبق شهي يعدّه من تحب، أو تعدّه أنت لمن تحب.
أنصحُ المتحاورين بالرجوع إلى أغنية سيرة الحب لأم كلثوم، فربما سيجدون مكمن (العيب) وهل هو فيهم أو في حبايبهم، وأن يجرّبوا تقديم وردة لمن يحبون في عيد الحب أو في غيره، ويروا تأثير ذلك! وإن كان من دعوة جادة في هذا المجال، فهي موجهة لنا جميعا لكي نحبّ (الاختلاف) أولا وأخيرا، ونحترم حق الآخرين في أن يكونوا مختلفين عنا، فالاختلاف هو أكسجين الحقيقة، ومن خلاله ترقى الأوطان والمجتمعات، وبه يتحوّل الناس من الامتثال إلى الفكرة الواحدة والرأي الواحد مهما كانت جاذبيتهما، ومن حالة القطيع الذي يسوقه الراعي إلى حيث يريد، فيحققون إنسانيتهم، ويبنون مجتمعا سعيدا منيعا تزدهر فيه المحبة.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاص 218