“الجفرة ليست من فزَّان” !
عبدالوهاب قرينقو
قرار مجلس النواب الأخير بضم بلدية الجفرة بمدنها وبلداتها الخمس إلى المنطقة الجنوبية في قانون الاستفتاء أثار احتجاجات واسعة بين الأوساط الشعبية والنخبوية على حد سواء في مختلف مدن البلدية، فحسب ما أدلى به الناطق الرسمي للبرلمان عبدالله بليحق فإن القرار استند على طلب من ممثلي المنطقة الجنوبية، مع سند قديم اتخذ في العهد الملكي عبر عنه الناطق بشكل مرتبك فأسماه الجغرافية التاريخية للجفرة !!.. في تجاهل تام لرأي أهل المدن الخمس أو الرجوع إلى فعالياتها الاجتماعية ومسؤوليها.
( الجفرة ليست من فزان أقول هذا بمناسبة
ما أُقر في غفلة منا و دون العودة لنا و استشارتنا في ذلك) ..
بهذه التدوينة –على صفحته الرسمية في فيس بوك – يختصر أحد أعيان مدينة ودان احتجاجات المدينة ضد قرار برلمان ألغى قرار انضمام البلدية لطرابلس، فيما يرى أحد أعيان مدينة هون أن مايحدث هو بداية تقسيم غير مدروس لليبيا فيما يمثل خطوات إلى الوراء إلى مربع أول عفى عليه الزمن ودعوة للتفرقة وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ما سيفتت البلاد الليبية جغرافيا واجتماعياً واقتصاديا.
الجفرة مترامية الأطراف تتوسط ليبيا تماماً تعادل مساحة دولة مثل لبنان ولا يتجاوز سكانها الـ 70 ألف نسمة، تشتهر بغراسة النخيل وإنتاج التمور وهي مركز ليبيا لهذا المنتج القومي وهي المنهل الليبي الأبرز للموروث الشعبي الفني .. تقترب من ساحل البحر بمسافة لا تتعدى المئتي ميل فيما تبعد مئات الكيلومترات عن الجنوب .. مكوناتها خمس مدن وبلدات مركزها مدينة هون التي تقترب منها مدينتا ودان وسوكنة وفي طرفي البلدية زلة الغنية بحقول النفط وبلدة الفقهاء التي تعرضت في أكتوبر الماضي لهجوم إرهابي.
لأكثر من 300 سنة والجفرة من أعمال ولاية طرابلس إلى العهد الملكي حين تنازعت فزان وطرابلس على غدامس التي أحيلت إلى طرابلس فيما تنازلت الأخيرة عن الجفرة لولاية فزان .
ماضي إدارة ليبية ولت، أتت بعدها السبعينيات لتعتمد الجفرة بلدية ضمن محافظة مصراتة ثم بلدية خليج سرت في الثمانينيات ثم عهد الشعبيات في التسعينيات مع جفرة شعبية بذاتها لاتتبع أحدا .
كل التحولات الإدارية في آخر 50 عاماً كرست لسنوات طويلة (إقليم أوسط) أو منطقة وسطى تمنع تقسيم ليبيا إلى ثلاثة كيانات وربما أكثر .. نظام إداري حداثوي لا يحبذه حكام اليوم الذين يتناهشون الوطن في شكل محموم، فكل ماله علاقة بالمال وبالغنائم والمكاسب الذاتية التي تلعب على وتر الجهوية يدخل في حساباتهم دون مراعاة لقيمة وحدة الوطن.