“الجارح” لـ”البلاد”: جدل الميزانية فصل جديد في صراع السلطة والثروة
ناقشت حلقة برنامج “البلاد”، أمس الاثنين، أسباب الزيارة التركية المفاجئة إلى طرابلس، وما إذا كانت ستكون هناك تفاهمات بين المدعوين إلى مؤتمر برلين 2، والتساؤلات حول معرقلي الانتخابات المقبلة.
الموازنة العامة
أشار الكاتب والباحث السياسي، محمد الجارح، في مداخلة له عبر برنامج “البلاد” على شاشة “218”، إلى ما قاله المبعوث الأممي السابق، غسان سلامة، فيما يتعلق بطبيعة الصراع في ليبيا، وهو صراع من أجل السلطة والثروة والمال، لذلك يحدث هذا الجدل القائم فيما يتعلق بمسألة الميزانية؛ في سياق هذا الصراع.
بالنسبة لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة؛ فقد قدّم مقترح ميزانية هي الأكبر في تاريخ ليبيا، حسب وصف البعض، هذه الميزانية الضخمة تمثّل قوةً إذا استطاع رئيس الحكومة الحصول عليها دون الضوابط المطلوبة، التي أشار إليها مجلس النواب في جلساته السابقة.
وأكد “الجارح”، أنه ليس ضد إعطاء الحكومة الميزانية بقدر اهتمامه بردّ الحكومة على كل التساؤلات والتحفظات التي قدمها أعضاء مجلس النواب، خاصةّ ما يتعلق ببند التنمية والطوارئ.
وأوضح “الجارح”، أن مجلس النواب جزء مما يحدث في البلاد، لذلك؛ لماذا يمنحهم رئيس الحكومة فرصة للمساومة بتقديم هذه الميزانية الضخمة.
وبخصوص سؤال برنامج “البلاد”: في حالة لم تعتمد الموازنة العامة من قبل مجلس النواب؛ ما هي البدائل أمام رئيس الحكومة؟ أجاب “الجارح”: وفقًا للقانون؛ بإمكانه استخدام المعادلة “1 / 12″، لاستمرار الصرف على متطلبات الميزانية، أيضًا في ظلّ حالة الجدل القائمة حول الموازنة؛ ربما نحن متجهون إلى إعادة إنتاج التقسيم، ولذلك يمكن لرئيس الحكومة أن يعلن أنه لا يخضع لسلطة مجلس النواب المنقسم، وقد يدخل في تفاهماتٍ معينةٍ مع بعض أعضاء مجلس النواب الموالين له ومجلس الدولة ومصرف ليبيا المركزي، ويبدأ في صرف الميزانية كما يشاء، في المقابل قد يؤدي ذلك إلى حالة انقسام وإغلاق الموانئ النفطية من جديد، وندخل في حالة صراع أسوأ من قبل.
تدهور أمني
وأوضح “الجارح”، أن المعرقلين في الفترة الراهنة هم الذين يقترحون حلولاً تؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
وأكد “الجارح”، أن خارطة الطريق هي اتفاقٌ كاملٌ، ونتج عن هذا الاتفاق حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وأن أي إخلال بهذا الاتفاق لأي سبب؛ يفتح الباب أمام أطراف عدة لرفض هذا الاتفاق، والبدء من جديد في حوارات برعاية الأمم المتحدة.
ويضيف: “حكومة الوحدة الوطنية بدأت، فعليًا، في حملة على المستوى الدولي لإقناع الأطراف الدولية الداعمة للانتخابات بصعوبة إجرائها في التاريخ المتفق عليه، وهنا تقع مسؤوليةٌ كبيرةٌ على وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بالعمل ضد تلك الرغبة في التأجيل”.
قوى الأمر الواقع الرافضة لعملية التغيير؛ تملك القوة والمال والسلطة والمجموعات المسلحة، وبدلاً من التركيز على ملفات مهمة مثل ملف المصالحة الوطنية، والملف الأمني؛ لما لهما من دورٍ مهمٍ في تهيئة البيئة لإجراء الانتخابات المقبلة؛ أصبحنا نرى تدهور أمنيًا شرقًا وغربًا.
وعلي جانب آخر، يتابع “الجارح”: حتى تكون هناك قراءةٌ دقيقةٌ لما حدث في مدينة سبها من عملية تفجير تبنته “داعش”، فإن هذا التفجير يأتي بعد أيام قليلة من العرض العسكري الكبير الذي نظمته القيادة العامة في بنينا، ومن المفترض أن القيادة العامة للجيش بقيادة خليفة حفتر، هي من يسيطر على المنطقة الجنوبية، ولذلك عليهم مهمة تأمين هذه المنطقة، ومنع مثل تلك الخروقات.
والأهم أن هذا التفجير يأتي قبل أسبوعين من مؤتمر برلين الثاني، وقبل ثلاثة أسابيع من البرنامج العام الذي وضعته الهيئة العليا للانتخابات.
ومن هنا يمكننا ضمّ “داعش” إلى قائمة المعرقلين في ليبيا، خاصةً أن عودة الاستقرار في ليبيا؛ ستؤدي إلى ضياع الفرصة أمام أي معرقل.
الزيارة التركية الأخيرة
يرى الكاتب والباحث السياسي، محمد الجارح، أن هذه الزيارة إلى المنطقة الغربية تأتي قبل مؤتمر برلين الذي من المفترض أن تركيا ستحضره، وأيضًا فإن الزيارة بمثابة رسالةٍ استفزازيةٍ من الأتراك للأطراف الليبية والمجتمعين في برلين.
وأنهم ليسوا قوى أجنبية، بل قوى موجودة بموجب اتفاق تم توقيعه من قبل فائز السراج ولا يمكن مساواتهم بأي طرف أجنبي آخر موجود على الأرض، ومن ثم الذهاب إلى برلين من منطلق قوة يُمكّنهم من التفاوض حول عددٍ من الملفات الليبية.
وبحسب “الجارح”؛ فإن دعوة حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي لمؤتمر “برلين 2” نوعٌ من الاحتفال بتشكيل حكومة موحدة في ليبيا، ومحاولةٌ لتوضيح مسئوليات الحكومة أمام المجتمع الدولي، خاصةً فيما يتعلق بمسألة الانتخابات وخروج المرتزقة، وتوحيد المؤسسة العسكرية.
ويتابع: ليست هناك ضمانات بأن مؤتمر برلين سيخرج بمواقف مهمة حيال الظروف الراهنة، ولكن ربما يحدث توافق بين المدعوين إلى مؤتمر برلين، والمؤكد أن هناك دول معارضة لإجراء الانتخابات يوم 24 ديسمبر المقبل، وأتوقّع أننا، بسبب حالة الانقسام الحالية؛ لن نخرج بتفاهمات جيدة، إلا إذا استطاعت الولايات المتحدة خلق صيغة توافق بين المؤيدين والمعارضين للانتخابات المقبلة.
ملتقى الحوار السياسي
يعتقد “الجارح”، أن المبعوث الأممي، يان كوبيتش، مصابٌ بخيبة أمل كبيرة جدًا، إذ أنه حين بدأ مهمته في ليبيا؛ كان يتوقّع أن يملك القدرة على إقناع مجلس النواب والدولة على القيام بمهامهم في تطبيق الاتفاق السياسي وخارطة الطريق، ولكن الواضح أنه سيذهب لمؤتمر “برلين 2” برسالة مفادها خيبة الأمل من هذه المؤسسات، وأنه سيدعو ملتقى الحوار السياسي إلى اعتماد القاعدة الدستورية، ومن ثم تمريرها إلى الهيئة العليا للانتخابات لبدء التحضير للانتخابات المقبلة، ووضع المؤسسات المعرقلة أمام سلطة الأمر الواقع.