الثنائيات الفنية مرحلة مؤقتة تؤدي دورها وتنقضي
محمد حفيظة
شهدت الدراما الليبية، قبل أكثر من عشر سنوات، نجاحات لثنائيات فنية مميزة واستمرت لعدة مواسم رمضانية، واستطاعت أن تحافظ على مستوى ما تقدمه لفترة طويلة، لكن في السنوات الأخيرة لم يستمر هذا التألق، وانتهت بانفصال الثنائيات، وهناك من غاب عن تقديم الأعمال التلفزيونية، وكأنه ولد مع العمل ومات فور توقفه، فهل الثنائيات هي من تحدد نجاح الطرفين بعد أن تنتهي؟ أم هي مجرد صدفة ينتهي التعاون، فتنتهي الرغبة في تقديم أعمال أخرى؟
الأعمال التي صنعت اسما لأصحابها تأتي على رأسها منوعات “قالوها” للفنان عبد الباسط بوقنده والفنان خالد كافو، ولا ننسى ” اللمة والشاهي واللوز” ” للفنان فتحي كحلول والفنان سعد الجازوي، وأيضا منوعات “إيسارها ” للفنان حاتم الكور وشارك معه العديد من الأسماء، لكن اسمه ارتبط مع الفنان فتحي العماري “المسقم”.
كانت الثنائيات تجربة ليبية ناجحة جدا استمرت لسنوات، لكن الحفاظ عليها أصعب من استمراريتها، وللأسف لم تستمر هذه الأعمال، ولا أبطالها جمعتهم أفكار جديدة، الثنائيات تفككت، وهناك من برّر الانفصال بسبب التغيير الذي حدث عام 2011، ولم تكن هناك ميزانية للإنتاج والوضع غير مستقر، وهناك من يرى أنها خلافات متراكمة كانت سبب انفصال البعض.
أصحاب الكلمة الشهيرة “ماسمعتش … شني” كافو وبوقنده أكثر ثنائي حقق نجاحا وشهرة واسعة، إذ قدّما أعمالا ناجحة أهمها “قالوها” واستمرت لسنوات طويلة، وبعد ذلك انفصل النجمان، ولا نعرف السبب الرئيسي لهذه الخطوة حتى الآن، وفي عام 2013 بوقنده سبق خالد في رجوعه للعمل التلفزيوني، فقدم عمل “قيموها يا عقالها” مع الممثلة زبيدة قاسم ” وعمل “في ما ينقال” ولكن لم يخلق أي شي جديد، النجم بوقنده عاد لتقديم الأعمال الفنية، لكنه لا يزال يبحث عن العنصر المفقود الذي يكمل نجاح العمل.
أما خالد كافو، وبعد غياب حوالي 7 سنوات، قرر العودة للفن مجددا، والجمهور سعد بالخبر، عاد عن طريق عملين أحدهما كان “آدم وحواء”، لكن البعض عبر السوشال ميديا ومن خلال رصد بعض الآراء رأى أنه كان الأجدر بخالد أن يتمهل قبل قبول الدور، وهناك من رأى أن كافو نجا من أزمة الإنتاج ووقع في أزمة النص، ولم تكن عودة كافو ثنائية، بل عاد عودة النجم الأوحد، ولم يكن عند توقعات البعض ومن الواضح أن “قالوها ” ستظل شبحاً يطارد أبطالها خاصة أنهم لم يحققوا أي نجاح درامي و”منوعاتي” يذكر بعد انفصالهم.
وفي فترة عرض منوعات “اللمة والشاهي والوز” كان بريق النجومية ساطعا في ذلك الوقت، حيث نال الثنائي؛ الفنان فتحي كحلول والفنان سعد الجازوي، أكبر قدر من النجاح الذي يُمكّن أي ثنائي من الاستمرارية بدون توقف، لكن لم نرَ عودة جادة لأصحابها، فقد تفرغ كحلول للمسلسلات الدرامية السنوات الأخيرة، ولم يسجل للجازوي أي ظهور في الأعمال التلفزيونية منذ فترة.
“إيسارها ” المنوعات الليبية التي قلبت الموازين بعد أن رفع الكور سقف الجرأة بظهوره بالشخصية النسائية وإتقانها، وسجلت لهُ علامة فارقة في مسيرته الفنية. الكور والمسقم من خلال إيسارها أثبتا أن الاستيعاب الفكري يختصر نصف النجاح، وربما كل النجاح، قدم حاتم في 2012 عمل “الكور في الخليج” وسجل فشلا ذريعا لعدة أسباب، ثم عاد بمنوعات “شروندي” ولكن لم يستطيع هذا العمل أن يرجع به لمكانته التي فقدها منذ سنوات، وعاد مجددا في شهر رمضان الماضي ووجد الحلقة المفقودة، الدور الذي ربما يصعد به لقمة الهرم، دور تقمص الشخصيات النسائية الذي خاضه فيما سبق ولم يُمحَ من ذاكرة المشاهد، وهذا ما فعله هذا العام على أمل أن يرجع لمكانته الأولى.
علق الكثير على روح الكور الحاضرة وأدائه الممتع، إلا أنّ أزمة النص صنعت تكرارا في المواضيع، والإسقاطات وليدة اللحظة عندما تخرج على النص تضع الممثل في مأزق أحيانا عندما تكون ليست في محلها، ولكن رغم عودة النجوم من جديد بشكل منفرد، والتي يراها البعض غير موفقة بشكل كبير، فإن أثر انفصال الثنائيات الكوميدية الليبية الناجحة عن المنوعات الرمضانية، طيلة التسع سنوات الماضية، أظهر أن غيابهم ترك فراغا حقيقيا، وكشف ضعف المنوعات الجديدة، رغم إني أرى أن أبطال الثنائيات يُكملون بعضهم بعضا، إلا أن الحقيقة تقول إن الثنائيات الفنية مرحلة مؤقتة في حياة الفنانين، تؤدي دورها وتنقضي، واستمرارها شبه مستحيل وتُعطل قدرات البعض.