التكييف.. متعة في بيتك ودمّار لكوكبك
كسرت درجات الحرارة حاجز الـ45 درجة في بعض المناطق داخل ليبيا، ومن المرجّح أن ترتفع أكثر خلال الفترة القادمة، كما أدت موجة حر عنيفة في مدينة كيبك الكندية إلى وفاة العشرات.
وبهذا الصدد نشرت مجلة “التايم” الأميركية تقريرا حول قضية أثارت العلماء، وقال التقرير إن المكيفات الهوائية اختراع بارع يُساهم بإنقاذ الأرواح لكنه في نفس الوقت يساهم في ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
وأعلنت “الطاقة المستدامة للجميع”، وهي منظمة غير حكومية وتنتمي إلى الأمم المتحدة والبنك الدولي أن 1.1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم يفتقرون إلى التبريد الكافي.
ويظهر تحليل صادر عن وكالة الطاقة الدولية (IEA)، وهي منظمة دولية أن 8% فقط من 2.8 مليار شخص يعيشون في المناطق الأكثر سخونة في العالم يمتلكون مكيف هواء.
ووفقاً لمجلة “التايم” فإن هؤلاء الأشخاص لا يمتلكون تكييف هواء لمجرد ترف، حيث أن ارتفاع الحرارة يُمكن أن يعطل أداء الجسم ويؤدي إلى أمراض بالغة مثل فشل عمل بعض الأعضاء، وفي النهاية الموت.
ويصل عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب الأمراض المرتبطة بالحرارة إلى أكثر من ربع مليون نسمة بحلول عام 2050، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية.
وحذر تقرير سابق لمنظمة الصحة أن الناس ستُصبح أكثر كسلا وإجهادا وبالتالي أقل إنتاجية خاصة ممن يعملون في أماكن مفتوحة أو تحت أشعة الشمس.
ومن المتوقع أن تواجه بعض أجزاء من آسيا وأفريقيا انخفاضا بنسبة 12% في ساعات العمل بحلول عام 2050 نتيجة الإجهاد الحراري، وفقا لتقرير الطاقة المستدامة.
كما أن ارتفاع الحرارة ونقص التبريد يعني أن الناس لا يستطيعون ضمان سلامة الغذاء أو تخزين الدواء.
وتشير تقديرات الطاقة المستدامة إلى أن حوالي 2.3 مليار شخص في العالم النامي على وشك شراء مكيفات الهواء، ويرجع الفضل في ذلك إلى ارتفاع الدخل مع خروجهم من الفقر والدخول إلى الطبقة الوسطى العالمية الجديدة.
وفي بعض الأماكن سعت البرامج الحكومية إلى بناء مراكز تبريد عامة لأولئك الذين لا يملكون أجهزة خاصة بهم.
وحول المخاطر الناتجة عن الارتفاع المطرد لشراء أجهزة التبريد من المكيفات يقول دان حمزة غودكر رئيس برنامج كيجالي لكفاءة التبريد، وهو مبادرة تستهدف التلوث من التبريد”: ” نحن قادمون على انفجار مطلق في الطلب على التبريد.”
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن استخدام مكيفات التبريد بهذه الطريقة العشوائية ودون تنظيم سيجعل العالم يستخدم نفس كمية الطاقة التي تستخدمها الصين اليوم لكامل طاقتها الكهربائية وذلك بحلول العام 2050.
وهذا يعني أن زيادة ثلاثة أضعاف في استهلاك الطاقة من قبل مكيفات الهواء مقارنةً مع هذه الفترة، وسيترتيب على ذلك بناء محطات طاقة جديدة لمواكبة الطلب المُطرد على الكهرباء واستهلاك المزيد من الوقود.
ويقول رئيس برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة إريك سولهايم، “لقد كان تكييف الهواء بمثابة هجرة هائلة وهائلة جداً على الكهرباء.. إن التبريد سيكون على الأرجح أكبر مستهلك للطاقة”.
وإلى جانب استهلاك الطاقة، يمكن أن تساهم مُخلفات أجهزة التبريد أيضًا في تغيير المناخ عن طريق إطلاق كميات عالية من مركبات الكربون الهيدروفلورية (HFCs)، وهي مواد كيميائية تحبس الحرارة في الغلاف الجوي بمعدلات مخيفة.
ويقول العلماء إن الانبعاثات المستمرة من مركبات الكربون الهيدروفلورية وحدها يمكن أن تضيف ما يقارب 1 درجة فهرنهايت من الاحترار إلى الغلاف الجوي بحلول نهاية القرن وهذا من شأنه أن يُهدد اتفاق دول العالم في باريس القاضي بالسيطرة ارتفاع درجة الحرارة الناتجة عن السلوك البشري.
لكن ثمة بداية حل عالمي آخذ في الظهور مؤخراً، حيث طورت الشركات التقنية تبريد أكثر كفاءة وخالية من مركبات الكربون الهيدروفلورية وتخطط لتوسيع مبيعات هذه المنتجات في العالم النامي في السنوات القادمة.
وكل هذا يقود إلى أن الجالس تحت التكييف يتمتع بالداخل بالتبريد وتخفيض درجات الحرارة، لكن في الخارج هناك ثمة أضرار بيئية تذهب بكوكب الأرض إلى حرارةٍ أعلى مستقبلا.