البنك الدولي يُسلط الضوء على نقاط ضعف القطاع المالي والمصرفي في ليبيا
أصدر البنك الدوليّ، مؤخرًا، تقريرًا عن القطاع المالي والمصرفي في ليبيا، وسط حالة من الضبابية وغياب المعلومات الدقيقة بسبب الأوضاع المضطربة وحالة الانقسام.
وذكر البنك، في ملخص تقريره، أنه انتهى من دراسة القطاع المالي في ليبيا.
وأظهرت الدراسة أنه حتى قبل الحرب القائمة منذ 2011، لم يكن القطاع المالي الليبي متطورًا بما فيه الكفاية، ولكن الأزمة السياسية الحالية أضعفت نشاط الوساطة المالية وجهود الشمول المالي في ليبيا.
وأوضح البنك أنه أعدّ التقرير عن القطاع المالي في ظروف صعبة للغاية، حيث اضطرت البعثة لتأجيل بعثتها أكثر من مرة بسبب التوتر الأمني، إلى أن تحسّن الوضع الأمني لفترة وجيزة وسُمح لفريق العمل التابع لقطاع التمويل والتنافسية والابتكار بالسفر إلى العاصمة طرابلس.
وعقد الوفد اجتماعات مع أصحاب المصلحة مثل مصرف ليبيا المركزي ومركز معلومات الائتمان في ليبيا وهيئة الرقابة على التأمين وصندوق تأمين الودائع وعدد من البنوك وشركات التأجير التمويلي وشركات التأمين، إضافة إلى إجراء مشاورات مع مصرف ليبيا المركزي في تونس وروما لمناقشة التقرير وتوصياته وتمكن من الانتهاء من الدراسة المطلوبة في صيف 2020.
وخلص التقرير إلى استعراض سمات الوضع المالي في ليبيا ووصفه بـ “المعقد”، حيث يوجد مصرفان مركزيان يعملان في البلاد، ويخضع مصرف ليبيا المركزي “طرابلس” لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.
ويخضع البنك المركزي المنافس في البيضاء، شرق ليبيا، لسيطرة حكومة المنطقة الشرقية. وقد أدى الانقسام بين هذين المصرفين المركزيين إلى إضعاف السيطرة على السياسة النقدية وسياسة المالية العامة وأداء الإشراف المصرفي على البنوك بصورة كاملة؛ نظرًا لأن كل مصرف من هذين المصرفين المركزيين يقوم بطباعة النقود وإصدار العملة دون تنسيق وفي غياب ضوابط شاملة لسياسة المالية العامة.
وانخفضت قيمة الدينار الليبي انخفاضًا كبيرًا، مما أدى إلى عدم تكافؤ الفرص في إمكانية الحصول على النقد الأجنبي.
واعتبر البنك الدولي أن المصرف المركزي هو المساهم الأكبر في المصارف الحكومية التي تستحوذ على 90% من الودائع والقروض في هذا الجهاز، وينطوي ذلك على أوجه لتضارب المصالح منها التساهل المحتمل لصالح المصارف المملوكة للدولة، وكذلك منح الائتمان للمستفيدين ذوي العلاقات.
وعلى الرغم من قيام السلطات بدراسة إجراء بعض الإصلاحات في هذا المجال؛ فقد تم تعليق جميع المحاولات مؤقتًا في ضوء الأزمة الراهنة.
وأوضح التقرير أن المصارف تفقد ما يكفي من المعلومات والقدرات لاتخاذ قرارات ائتمانية سليمة.
ويعاني القطاع المصرفي نفسه من عدم كفاية رأس المال، وقيمة الأصول لدى المصارف المملوكة للدولة محل تساؤل ولا يقين بشأنها، كما توقَّف عمل سوق الأوراق المالية بشكل أساسي مع قلة عمليات التداول العامة. ولا تزال أشكال التمويل الأخرى، مثل التأجير التمويلي والتأمين، في بدايتها.
وتساءل التقرير عن إمكانية القيام بشيء لمساندة تطوير القطاع المالي في ليبيا؟ وهل يكون ذلك ممكنًا حتى في ظل الظروف الحالية؟
وقد أجاب باختصار أنه “ربما”، لكنه أشار إلى أن البيئة السياسية الحالية تفرض تحديات كبيرة.
ويُعد إصلاح/استقرار النظام النقدي شرطًا مسبقًا لإحراز أي تقدُّم في مجال خدمات الوساطة المالية، لكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد توحيد المصرفين المركزيين في ليبيا.
ومن المتوقع أن تنفذ أعمال المراجعة الدولية للمصرفين المركزيين في المستقبل القريب، وهي الخطوة الأولى نحو التوحيد.