البازار الليبي.. وحالات الاضطراب
218TV.net خاص
في ظل متغيّراتٍ متسارعة وغير مسبوقة بهذه الحدة، يمورُ شرق ليبيا بأحداث جسام سيكون لها تأثير على الأرض. حيث أدى تحرك ما يسمّى بسرايا الدفاع عن بنغازي، واحتلالها جزءا مهما من الهلال النفطي إلى تدهور شديد في الموقف وإلى إرباكٍ في الحسابات، فكثُر الحديث عن الفتن والاضطرابات وأصبح الجميع يعرض بضاعته في سوقٍ متقلبة تفتقدُ التعامل بالمنطق، وصار الكل يزايد على الكل.
لكن الأخطر هو ترويج البعض بأنها حرب بين منطقتين أو إقليمين، وقد انزلق في إعلان هذا الادعاء المهلك خطير العواقب سياسيون أو من ظنوا أنهم كذلك، دون أن يعوا أن لكل من الطرفين المتقاتلين امتدادات قوية في شرق البلاد وغربها، وحتى في جنوبها. والأكثر خطورة في هذا الصدد هو خطابُ محسوبين على مؤسسة الجيش الوطني بالتلميح إلى تدخل قوات من مصراتة في القتال، فليس هذا الرأي سوى استدعاءٍ غيرَ محسوبِ النتائج لفتح جبهة جديدة مع قوى نأت بنفسها منذ الساعة الأولى عن ما يجري ونفت مشاركة أيّ من كتائبها الرسمية في القتال، وكذلك إعلان رئاسي الوفاق عن شجبه للهجوم وما أسماه التلاعب بمصير ليبيا وقوت الشعب الليبي.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى فنوّابُ الشعب الذين يُفترض بهم في أوقات المحن والشدائد لمّ الشمل وتوحيد الوطن، أصدروا بيانا يدعون فيه إلى الانسحاب من الحوار السياسي الذي ينتظره الناس بعين الرجاء والأمل، وكأن هذا القرار المتشنجُ هو ما سيوقف العدوان، ويسير بسفينة البلاد المضطربة إلى بر الأمان.
لكن التعبير الأشد وضوحا عن حالة الاضطراب في ليبيا، وأكثر مدعاة للقلق، والذي يعبر عن مستوى التدخل الخارجي في البلاد هي فتوى داعية سعودي ، له مريدون في مؤسسة الجيش، بوجوب التحرك ومقاتلة غزاة النفط تحت دعاوٍ دينية، وكأن كتائب الجيش لا تعمل إلا بناء على أوامر وفتاوى من الخارج.
اللافت في هذه المرة أن الدول الغربية الست ومؤسسة الاتحاد الأوروبي لم تصدر بيانات الشجب كعادتها في المرات السابقة، الأمر الذي يفتح الباب للعديد من التكهنات. إنه البازار الليبي في أشد حالاته اضطرابا، حين يغيب العقل والمنطق وحين ينسى المتحاربون القانون الأبدي وهو أن كل حرب لابد أن تترك المجال في النهاية للسياسة، لكي يتحقق الصلح والسلام.