الإنستغرام يقضي على فوبيا اللايكات
عمار المنصوري
لم نعد نستغرب مؤخرا إن وجدنا شخصا لا يتابع كرة القدم ونراه فجأة على تطبيق الإنستغرام مهووسا بها ويُحمّل صورا بقميص نادي ما، أو صديقة مقربة لا تحب ولا تأكل الأكل الصحي وفي يوم وليلة نراها تتحدث وتسرد نصائح صحية وتُحمّل الفيديو وكأنها متخصصة في علم التغدية، أو ربما أحد الزملاء في الجامعة الذين لم يكملوا دراستهم بعد ولم يتحصلوا على الشهادة الجامعية يدعي بأنه متخصص في مجال ما وينصح متابعيه على ذات التطبيق بمعلومات أغلبها تحصل عنها عبر الإنترنت لكنه يلعب دور المتخصص في براح السوشيال ميديا، والإنستغرام بالتحديد الذي أصبح يتحكم على مستخدميه الغوص في مجالات عديدة لكسب متابعين ولايكات ومشاهدات في هذا العالم الافتراضي.
تغيرت أهداف الكثيرين بعد انتشار تطبيق الإنستغرام، فبدل أن كان تركيزهم اليومي على حياتهم الحقيقية في مجال التعليم والعمل وتطوير الذات، أصبحت اهتمامتهم أكثر على شكل ونوع الصورة أو الفيديو الذي سيتم نشره في حساباتهم والشهرة لم تعد تقتصر على الفنان والإعلامي ومن كل من يظهر عبر شاشات التلفزيون، بل هذا التطبيق أتاح للجميع فرصة الشهرة ولكن لم يتوقع حدوث تغول في هذا البراح ولم يكن على بال أحد أنه قد يصبح هوس وجوع شهرة كما نراه في السنوات الأخيرة في جميع دول العالم.
إنستغرام والذي قام مارك زوكربيرغ بشراء حقوقه في أبريل من عام 2012 وجد أن من الممكن أن يصبح هذا التطبيق أداة مهمة لمتابعي الفيسسبوك خاصة أن له خواص تميزه عنه، وتوقع أن تكون بوابة جديدة لتلفزيون العصر بخاصية الفيديو وخدمة ” أي جي ” والتي تشبه بث التلفزيون ولكن عبر أشخاص وليس قنوات بها إدارة تختار معديها ومقدميها بعناية وتختار المحتوى، حيث اليوم من الطبيعي جدا تجد فنانة عربية أصبحت داعية إسلامية يوم الجمعة عبر التطبيق، وربما تختار يوم السبت أن تكون مدربة في مجال المكياج والأحد مربية ومصلحة اجتماعية، فالتطبيق لا يمنع أي مستخدم في استغفال جمهوره.
عدد مشاهير العالم تضاعف تزامنا مع عدد المتابعين وبسبب المنافسة في تطبيق إنستغرام، بدأ ما يعرف في الآونة الأخيرة هوس وجوع الشهرة، الجميع يعد ويحسب وربما يشتري اللايكات والمشاهدات، لتكون صورته كشخصية مشهورة في المقديمة دائما، ومن خلال سؤال بعض مستخدمي التطبيق المهووسين بعدد اللايكات تبين أنهم غالبا لا يهتمون بحياتهم الحقيقية على قدر عدد اللايكات التي يجنونها من كل صورة او فيديو يتم تحميله، وأي لحظة يعيشونها في حياتهم اليومية كل ما يشغل بالهم كيف يمكن توثيقه وتحميله في التطبيق ويبدأ الهوس في انتظار التفاعل إذا كان مرتفعا يشعرون بالراحة والسعادة أما إذا كان منخفضا قد يكون سببا في جعلهم يعيشون يوما سيئا للغاية.
وسط كل هذا الهوس اختفت في الآونة الأخيرة أعداد اللايكات عن أنظار المتابعين في جميع الصفحات عبر التطبيق، لم تذكر الشركة السبب في اتخاذ هذا القرار بالتحديد ولكن الأغلب رجح أن عدد اللايكات أصبح يشكل مشاكل نفسية عديدة لمدمني الإنستغرام، فاليوم عندما تتصفح الصور من خلاله لا يمكن معرفة عدد اللايكات التي تحصلت عليها كل صورة إلا من قام بتحميلها، لتصبح الأنظار في اتجاه الصورة ذاتها، بدل إن كانت تتجه إلى عدد اللايكات والتفاعل أكثر، وتنهي فوبيا العصر في يوم وليلة.