الإرهاب يغيب فرحة فرسان المتوسط
218TV | خاص
من يصنعون الحياة قبالة صانعي الموت بين بطولة الشان الإفريقية التي تلعب في المغرب، وبين بنغازي مدينة الملح الحزينة، تمتد رحلة بين الموت والحياة، يشاهدها الليبيون بحسرة، تختلط فيها دموع الفرح بدموع الحزن، وتتباين فيها أصوات سيارات الإسعاف والصراخ والأنين، مع أصوات الهتاف التشجيعي وأفراح كرة القدم.
في الثامنة والثلث مساء، بينما يخرج المصلون من مسجد بيعة الرضوان بمنطقة السلماني في بنغازي، تنفجر سيارة مفخخة، تحصد عدداً من الضحايا في طريقها، لا تتجاوز الساعة الثامنة والخمسين دقيقة، ليشهد المكان انفجاراً آخر يزيد في حصاده من أرواح الأبرياء الخارجين من مناجاة سيد الأكوان.
على بعد آلاف الكيلومترات، وعلى سواحل الأطلسي في طنجة المغربية، لكن بفارق عشر دقائق عن وقوع الكارثة الثانية، بدأت مواجهة ليبية رواندية، يحاول فرسان المتوسط التغلب على أحزان بلادهم بإدخالها في فرح الفوز، غير مدركين لحزن الليلة الجديد، يسابقون الدقائق التسعين بحثاً عن هدف ينقلهم إلى دور ربع النهائي في البطولة التي حققوها في جنوب القارة عام 2014 الذي شهد حروباً مزقت البلاد تمزيقا.
في الدقيقة الثالثة والتسعين وبعد انتهاء دقائق المباراة الأساسية، فجر المعتصم بوشناف لاعب نادي المدينة مرمى الروانديين بهدف قاتل، أنهى أحلام المنافسين، وجاء إلى ليبيا بفرح منتظر، وبهجة تواجه غمّها العميق.
يختلف المشهد جذرياً، وكأن حكماً جائراً فرض على الليبيين أن تكون أفراحهم مقابلة لأتراحهم، وبدل الفرح بالهدف الوحيد الذي نقل المنتخب لمرحلة جديدة، يعم الحزن شوارع بنغازي وهي تشيع ضحاياها، وتطبب جرحاها في مستشفياتها المثخنة بجراح نقص الأدوات والمواد.
رواندا التي شهدت حزناً عميقا في تسعينيات القرن العشرين بمقتل أكثر من 800 ألف في حروبها الأهلية، لم تحزن بأكثر من خروجها من البطولة اليوم وهي المتجاوزة لخلافاتها بصلح اجتماعي عميق وضع بلسما على جرح الحرب الأهلية.
أما ليبيا، التي يحمل إليها فرسان المتوسط فرحها بالتأهل للدور ربع النهائي، تنتظر فرحاً آخر ينهي الموت في شوارعها، وفقدان أرواح أبنائها وهم خارجون من بيوت الله.