الإرهاب في ليبيا.. حضور مُقلق يستوجب نبذ الخلافات
تقرير 218
جذور الإرهاب ما تزال ضاربة في تراب ليبيا، فكما يبدو ظاهرًا لم تُنتزع نباتات المتطرفين بعد عمليتيْ “الكرامة والبنيان المرصوص”، اللتيْن وُجّهتا نحو الجماعات التكفيرية ومن لفّ لفّها، واختار بكامل إرادته أن يتخندق في خندقها.
اليوم؛ يظهر أن للإرهاب حضورًا مقلقًا ويدفع للخوف، فمن يعتنقون الأفكار الشاذة في المجتمع المضطرب بفعل الحروب يروّجون لدولة الخلافة التي ليس لها وجود إلا في خيالهم، الذي توجد فيه كذلك أفكار تطرد الناس من الغفران، وتعاملهم على أنهم ضُلالاً وفُسّاقًا وَجب عليهم الدخول فيما يعتقدون هم، أو يكون مصيرهم نار جهنم.
هذا الفكر المتطرف لم ينطفئ في ليبيا بعد، ودليل ذلك عملية عسكرية، بالأمس، ينفذها الجيش الوطني وتحديدًا من سرايا العمليات الخاصة التابعة للواء طارق بن زياد والكتيبة 116 مشاة في مدينة أوباري، خاصة في قلب “حي التراقين وحي الشارب” بالجنوب الغربي، حيث استهدفت أحد أوكار تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وأسفرت عن اعتقال سبعة إرهابيين ينتمون لجنسيات مختلفة؛ على رأسهم حسن الوشي، العائد من مالي خلال الأسبوع الماضي، بعد نقله أسلحة وذخائر وأموال إلى جناح التنظيم هناك، وكذلك اعتقال الإرهابي عمر واشي.
هذه العملية التي نفّذها الجيش فتحت الباب لكثير من التخوفات على مستوى نمو الجماعات التكفيرية بعد أن خفت توهجها وخصوصًا في مدن الساحل من درنة إلى بنغازي إلى اجدابيا إلى سرت وصبراتة، وقليلاً جدًا في طرابلس.
وجود الإرهاب في ليبيا حقيقة لا مناص عن الاعتراف بها والتعامل مع الوضع على أساسها، وهي تستلزم تكاتف الجهود من أجل تدارك الأمر سريعًا؛ لأن الانشغال بالخلافات الحاصلة اليوم، من شأنها يوفر بيئة مثالية للتكفيريين؛ ينشرون من خلالها أفكارهم ويسيطرون فيها على مناطق واسعة لتصبح عملية إزاحتهم وطردهم من ليبيا أمرًا مكلفًا من حيث الدماء، ومن حيث الأموال.