الأمل أكبر من الألم
امحمد العكشي
من الصعب أن يقال: أننا قد أوفينا الشباب حقه، وأحطناه بكامل الرعاية، فلازالت الطريق أمامه بلا معالم، وسط رمال من صحراء التخلف، رمال من أمام ومن خلف، سلسلة من كثبان وتلال من الجهل والتخلف.
أن أقول أن الشباب هو الضمير الذي لم يتلوث في عالم ملوث، لقد برز معدنه الشجاع في اللحظات الحرجة والمصيرية، فهو الحائط في اللحظات الرهيبة، والملجأ والملاذ لغيره، وبمغامراته يتم تطويع الحياة لصالح البشرية، والشباب ينضج وسط خليط ومزيج من الموهبة والدراسة، والخبرة والتجربة، والاطلاع والمتابعة للمستور والمكشوف، وهو السراج للسارين في ليال الضباب والعتمة، وزمن الخيانات وبيع الآمال والطموحات، لأنه القلب، وإذا كان القلب بخير فإن جسم الإنسانية سيبقى بخير أيضا
ولاشك أن جميع دول العالم تقدر أهمية دور الشباب، لأنه الوسيلة الفعالة، لتحقيق أهداف تختلف بحسب ما تراه لوضع حجر الأساس للإقلاع والتنفيذ، في مجال التقدم والرقي، ولأنه الوسيلة الوحيدة لكسب رهانات المستقبل، وليكون هذا المكسب أظهر وأعم، بالقدر الذي يساعد على الأمن والاستقرار، وتحطيم المعوقات التي تحول دون النماء، ولقد رأينا الشباب في بعض الأمم ارتفع بقومه إلى قمة لا يبلغها سواه، وليس في الدنيا أن يغير المجتمعات ويصلح عيوبها ومساوئها بقدر ما يستطيع الشباب، من تغيير أدوائها والقضاء على ما فيها من عيوب، وبقدر ما ينتقل بالحياة يضفي عليها من عبقريته ومواهبه، وهو القادر على الهجوم على الحياة الملوثة وما تجلبه على البشرية في أذيالها من آلام. والسؤال ماذا قدمت الدولة بمؤسساتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
البطالة المقنعة تكتسح أغلب الذين تجاوزوا سن الرشد القانوني مما جعل بعضهم يلتجئ لقوارب الموت سعيا لتسوية وضعية كئيبة غامضة ولو داخل إطار بلد آخر.
ناهيك عن تراجع الدور التأطيري لوسائل الإعلام .
أما اجتماعيا فحدث ولا حرج من عقدة الزواج والعنوسة المفروضة، إلى التيهان محاوله للخروج من الواقع.
مرحلة تراكمت فيها الهموم والمشاكل على كاهل الشباب ، وجعلته يعيش حالة من القلق والضياع؛ فأصبح لا يدري ماذا يقدم وماذا يؤخر، حالة أشبح ما تكون بما عبر عنه الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته “الطلاسم”، عندما قال: “جئت لا أعلم من أين. ولكني أتيت. ولقد أبصرت أمامي طريقا.فمشيت..وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت. كيف جئت لست أدري. أين أذهب لست أدري. لم جئت لست أدري”؛ أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود . هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود. هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود . أتمنّى أنّني أدري ولكن… لست أدري! إنه ضياع وهذيان، ينتظر دولة موقره.
المصدر: صفحة الكاتب على فيسبوك