الأزمة الليبية.. هل وجدت أميركا ضالتها في تركيا ومصر
الحسين المسوري
خلال 9 سنوات من الأزمة الليبية، كثيرًا ما كانت الولايات المتحدة تحمِّل الأوروبيين مسؤولية ما يحدث في ليبيا، ولاننسى تصريحات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حول توزيع مسؤولية سياسات بلاده في المنطقة من خلال مبدأ «القيادة من الخلف»، أي أن تكون واشنطن قائدة غير رسمية للعمليات السياسية والعسكرية في ليبيا، عبر وكلاء إقليميين.
لقد قال الرئيس السابق باراك أوباما، في الحوار الشهير الذي أجراه معه جيفري جولدبرغ من مجلة «ذا آتلاتنتك» في مارس 2016 وحمل عنوان «عقيدة أوباما» في الجزء المخصص للأزمة الليبية، «عندما أنظر إلى الوراء وأتساءل عن مكمن الخطأ، فإنني أجد أن المجال يتسع للانتقادات، لقد كنت أثق كثيرًا في الأوروبيين بحكم قربهم الجغرافي من ليبيا».
اليوم يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية بعد كل هذه السنوات وجدت ضالتها في تركيا ومصر لتكونا الضامن السياسي والعسكري لطرفي الأزمة الليبية وإدارة الصراع وفق رغبات الإدارة الأميركية التي تريد بالدرجة الأولى إبعاد الوجود العسكري لروسيا والأوربيين من ليبيا.
فلدى تركيا ومصر قدرات عسكرية يمكنهما الضغط من خلالها على حلفائهما من طرفي النزاع، بالإضافة إلى أن البلدين لديهما ميزات مريحة ومطمئنة للولايات المتحدة تجعلها توكل لهما الملف الليبي، فعلاقة أميركا مع تركيا ومصر أكثر من ممتازة، وترتبطان معها باتفاقات عسكرية واقتصادية مهمة، أضف أنه في حال قررت الولايات المتحدة إخراج تركيا ومصر من ليبيا فهو أمر سهل ولن يكلف أميركا سوى تغريدة من رئيسها، فلا قدرة للبلدين أن يدخلا في أي مواجهة مع أميركا، فاقتصادهما لايحتمل حتى التلويح بالعقوبات الأميركية، عكس الوجود العسكري لروسيا والأوروبيين الذي يحتاج لجهد كبير من قبل الولايات المتحدة من أجل إخراجهما من ليبيا.
بالمقابل يبدو أن هناك شبه اتفاق برعاية أميركية بعدم تجاوز قوات البركان المنطقة الواقعة غرب سرت وقوات الجيش الليبي بتجاوز غرب مدينة أجدابيا، حيث ستكون سرت وفق التسريبات منطقة منزوعة السلاح، وقد تتحول إلى مقر للحكومة والمؤسسات السيادية لضمان عدم سيطرة أي طرف من أطراف الصراع على القرار السياسي والموارد المالية للدولة، وبالتالي فإن الورقتين الأهم لحكم ليبيا لن تكونا لدى طرفي النزاع فلا المؤسسات السيادية تحت سيطرة تحالف «الوفاق» ولا الهلال النفطي تحت سيطرة تحالف «الكرامة».
يبقى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى اتفاق يضمن مصالح روسيا والأوروبيين الاقتصادية في ليبيا، ويقنع الروس بالخروج عسكريًّا من ليبيا والبدء في استئناف المفاوضات السياسية للوصول إلى تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة وفق المزج بين مبادرة المستشار عقيلة صالح ومخرجات مؤتمر برلين