استنشاق الوهم
خيري القاضي
منذ نعومة أظافري وتحديدا عند بدء تعلقي بكرة القدم وأنا آخذ نصيبي بشكل شبه أسبوعي عن سماع قصص أبطال الكرة الليبية، وفي كل حدث يخص المنتخب الوطني من الأحداث النادرة التي يشارك بها منتخبنا لا بد أن يطربنا المعلق بقصة منتخب الـ82 وقصة ركلة الترجيح اللعينة التي حرمتنا من التتويج ..
قصص عدة نسجت على ذلك الجيل ورغبة أعتى الفرق الأوروبية عن الظفر بخدمات لاعبينا ..ومع الفجوة الكبيرة في فترة التسعينيات وابتعادنا عن كل المنافسات أصبحت فترة الثمانينيات سيمفونية شهيرة ترافقها معزوفة التعثر في الخطوة الأخيرة، وحتى لا أكون مجحفاً ذاك الجيل كان مميزا ولكن لم يكن حاسماً وفعالا ….يتبع
ومع قدوم الألفية رجعت عجلة المنتخب للدوران وخرج جيل جديد مميز من لاعبي المنتخب الأخضر وقتها بواقع مماثل تقريبا الترشح في مناسبتين للكان والتتويج ببطولة أشبه بالودية وهي بطولة إفريقيا للمحليين. مع إضافة معزوفة جديدة وهي الفوز على مصر في ملعب طرابلس والذي صورته قناوتنا سامحهم الله أنه إنجاز، لا أبالغ لو قلت إن عدد إعادة مباراة ليبيا ومصر سنة 2004 التي صادفتني أكثر من 100 مرة ..
هكذا نحن عاطفيين فبرجوعنا لفترة الثمانينات وذاك المنتخب الجميل سنة 82 الصحافة والإعلام سوّقا لنا ذاك الإنجاز ولم يتناول الإخفاق الكبير لذاك المنتخب، فكيف لم تتم محاسبة منتخب كان وصيفا في تلك البطولة وفشل في الترشح إلى كان 84 عندما غادر فرساننا السباق من الدور على يدي السنغال المتواضعة جدا وقتها. في تصفيات 86 نفس السيناريو الخسارة من موزمبيق. وبالنسبة لمباراتنا مع مصر ورغم خصوصية الفوز في مباراة من الخوالد في تاريخ ملعب طرابلس نسينا وتناسينا الخسارة من نفس الفريق بالأربعة!!
إذاً نحن عاطفيون بامتياز ونبكي على الأطلال ..هنا أسمع صوتا في رأسي النظام السابق فعل ما فعل!! نعم حارب الرياضة ولكن لا يمكن اختزال كل ذلك في السياسة. ففي الستينات وحتى منتصف السبعينات لم يكن هنالك تدخل إذاً أين نحن من الإنجازات، أندية ومنتتخبات باستنثاء البطولات الودية؟؟ وحتى بعد ثورة فبراير؟
إخفاق يتلوه الآخر على الرغم من توافد مدربين كبار لتدريب منتخبنا أمثال الأرجنتيني بيلاردو المتوج ببطولة كأس العالم، والإيطاليين بيرسليني وسكوليو والصربي إيليا والتونسي فوزي البنزرتي والبرازيلي باكيتا ..
هل كنت قاسيا بتكرار كلمة إخفاق؟؟ لا أعتقد، فبالنظر إلى جودة المدربين السابق ذكرهم ومقارنة ظروفنا بمنتخبات صعدت من القاع.. حتى محترفينا التي تصل أعدادهم للعشرات أسماء قليلة من نسجت خيوط النجاح والبقية كانت دورة حياة نجاحها قصيرة للغاية، وهنا سندخل في نفق طويل من التساؤلات عن الأسباب وآخر مظلم بسبب واقعنا.
عدونا الرئيس العاطفة والارتجال والتخلف الإداري في الوقت الذي أضحت فيه كرة القدم صناعة وعلما صحيحا وإصرارنا الدائم على تصحيح رأس الهرم دون الالتفات على قاعدة الهرم، وهنا أقصد المنتخبات السنية بداية من البراعم وصولا للمنتخب الأولمبي التي تحضر أحيانا وتغيب في مرات كثيرة وعديدة !!! فعند معرفتنا أن متوسط المباريات للبرعم أو الناشئ 10 مباريات سنويا ومقارنتها بعدد المباريات لدول الجوار التي تتجاوز 25، نعرف أنه من هنا يبدأ الفارق!!! نحتاج إلى عمل كبير والتطلع إلى رسم ملامح للمستقبل القريب عبر وجوه شابة وعناصر متعلمة ولما لا وإعطاء كل ذلك لكفاءات من خارج ليبيا حتى على صعيد الإدارة والاهتمام بالبنية التحتية المتهالكة، بروجعنا إلى شريط الإخفاق الأخير في تصفيات كان 2019 نجد أن المنتخب دربه 5 مدربين في 6 مباريات!!!! رقم لم يسبقنا إليه أحد.
فلنبدأ من الآن بمصارحة أنفسنا أولاً والتخلص من العاطفة والبكاء على الأطلال وذلك بالعمل فالعمل والعمل.