استقالة مفاجئة للمشري من جماعة الإخوان
تخلي أم تقية ؟ صعب ان يكون هناك احتمالا ثالثا لحالة رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري الذي خرج يوم أمس في فيديو يرتدي فيه الزي الوطني يعلن فيه “استقالته” من جماعة الإخوان المسلمين الليبية في حادثة نادرة بين اعضاء التنظيم . لأن أسس تكوين الجماعة والانضمام إليها بنص البنا في رسالة التعاليم تقوم على البيعة لا التعيين ، ما يجعل الاستقالة أمراً غريباً في نزع ثوب الإخوان ، ويطرح التساؤل الملح الضروري عن ما إذا كان المشري قد تخلى فعلاً عن التنظيم الذي يمثل مجتمعاً داخل المجتمع.
ما كان مثيراً للجدل في استقالة المشري هو اعترافه بممارسة أفراد الجماعة للعمل السري حين أشار في بيان الاستقالة إلى أن الجماعة قررت إنهائه بعد المؤتمر التاسع الذي عقد في بنغازي عام 2011، وما أثار الجدل كذلك هو الشكل الذي حاول إبراز الجماعة من خلاله بجعلها جمعية خيرية دعوية فقط .
سؤال الاستقالة التقني هو كيف تنهي انتماءك لجماعة لا يكون الانتماء إليها ورقياً ، بل عبر بيعةٍ يتلوها الرجل واضعاً يدً على المصحف معلنا الإخلاص للجماعة بالسمع والطاعة في المكره والمنشط للمسؤول العام عن الجماعة.
تفاصيل لا يمكن إهمالها، كما لا يمكن إهمال التصدعات الداخلية في الجماعة وحزبها السياسي العدالة والبناء والخلاف الكبير بين منتسبي الجماعة في الحزب والمنضوين تحته فقط أو إخوان الإخوان كما يطلق عليهم .
استقالة المشري قد تعكس الخلاف حول أي النماذج يجب أن تطبق تماشياً مع المرحلة التي تشهد انحسار الجماعة وتقلص نفوذها ودائرة تحركاتها. هل تكون بالتعنت المصيري الذي جعل من قادتها خارج الحسابات؟ أم النموذج التونسي الذي كان ليّن الجانب وإن صبغه البعض بصبغة الضرورة على اعتبار شح المال التونسي مما أفقد الجماعة التونسية مصدر قوة للتأثر، ما يجعل التراجع للخلف نقطة في صالح الإخوان لا عليهم.
هل تعني الاستقالة فك الارتباط؟ أم هي قميص عثمان الذي أوصل معاوية إلى حكم كان خلافةً فحوله ملكاً؟ وهل المشري يضع نصب عينيه منصباً أو وظيفةً؟ أو يريد التركيز على العمل في إدارة الجلسات داخل الأعلى للدولة؟
أسئلة تتلوها أسئلة وتفاصيل في التفاصيل. فالسؤال اليوم قد يكون منجياً من الانزلاق في التسرع والحكم على المواقف التي يجب أن تترك للأيام فهي الوحيدة بجعل الصورة كاملةً لا غبش فيها.