اجتماع غير مريح
218TV| خاص
يدخل صاحب الحلم العثماني للقارة الأفريقية من بوابتها الشرقية ليعلن رغبة تركيا استعادة وجودها في البحر الأحمر وأن رفات أجداده المدفونة في جزيرة سواكن السودانية تستحق التقدير والاحترام.
لكن على بعد مئات الكيلومترات وحيث يلتقي النيلان في الخرطوم يدور اجتماع غير مريح يجمع رؤساء أركان تركيا وقطر والسودان ليعلن بعدها وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور عن معاهدات عسكرية وأمنية تم توقيعها في الخرطوم.
يتوجه الحالم بأمجاد السلاطين لتشاد الجارة الغربية للسودان والجنوبية لليبيا ليعلن توقيع معاهدات تجارية أخرى مع الرئيس التشادي إدريس دبي الذي كان قد طرد السفارة القطرية في الثالث والعشرين من أغسطس الماضي لكن يبدو أنه لم يقطع كل صلاته بتنظيمات الإسلام السياسي رغم محاربته لمسلحيها في شمال بلاده.
يتوجه أردوغان بعدها لتونس جارة ليبيا الشمالية الغربية ويتحدث كذلك عن تعاون وتشاور ليكمل ما يشبه الطوق حول ليبيا التي شهدت تنفذا مسلحا لجماعات مسلحة منذ العملية المسلحة المسماة فجر ليبيا في يوليو من عام ألفين وأربعة عشر.
هذه الزيارات المطوقة تأتي بعد شهر على حراك تركي التقى فيه الرئيس التركي بأمير قطر للمرة الثالثة خلال عام واحد، وزيارة غير مفهومة النتائج لوفد من مجلس النواب الذي كان أحد الحوائط أمام تغول الإسلام السياسي، حاولت فيها أنقرة استرضاء المجلس بمعاهدات تجارية وسط أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد.
أغلب المخاوف الإقليمية صبت في إطار التحذير من ضغوط تركية على مصر التي تشهد علاقة حكومتها الكثير من التوتر مع حكومة أنقرة، لكن التساؤلات الليبية ذهبت إلى ملعب الإسلام السياسي في ليبيا.
فاجتماع الخرطوم، التي تدير عملية أمنية في شمال غرب البلاد على الحدود الجنوبية الشرقية لليبيا بالقرب من الكفرة، وما تلاه من اجتماعات أنجامينا التي أبدت استعدادها لإجراء عملية أمنية على الشريط الجنوبي بأكمله، والتنسيق الأمني مع تونس التي يهدد ليبيا قدوم الإرهاب عن طريقها فضلا عن عمليات التهريب المتواصلة للبنزين والبضائع، كل ذلك يصب في صلب الأمن الإقليمي الليبي.
يفتح ذلك أبوابا عديدة عن الدور المنتظر في ليبيا التي امتلكت فيها هذه الدول نفوذا قويا لدى أذرع سياسية وعسكرية سيطرت على عاصمة البلاد ما يتجاوز العامين بشكل واضح وبقيت آثار تنفذها حتى اليوم.
أضحت التكهنات كلها تبحث عن إجابتها في السؤال عن رغبة هذه التيارات في الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد، أم النكوص مجددا إلى ميادين المعارك المسلحة بعد أن حدا الليبيين الأمل في تسييس الصراع وصمت البنادق.
تبدو الإجابة غير واضحة خصوصا بعد ميل مناصرين لهذه الجماعات في مواقع التواصل الاجتماعي بالتشكيك المسبق في الجدوى الانتخابية من دون استفتاء على الدستور، هذا التصاعد تجاهل أن أحدا لم يحدد موعدا للانتخابات ولا أنها ستسبق استفتاء الدستور فظهر كبحث عن وضع الدواليب في عجلة العملية السياسية المتعثرة مسبقا، لتبقى المواقف رهينة الخيارات المحدودة أصلا في بلد مزقه السلاح والرغبة في إقصاء المخالفين.