اتفاقات ليبيا.. هل سيتلاشى الأمل مجددا؟
ترجمة خاصة
أدرج موقع “ذا أميركان كونسيرفيتف” theamericanconservative مقالاً تناول فيه مخرجات مؤتمر باليرمو وقرار تأجيل موعد الانتخابات الليبية من ديسمبر إلى أوائل ربيع 2019، ومدى إمكانية إجرائها وسط التوترات الأمنية التي تعيشها البلاد، وجاء فيه:
قبل بضعة أشهر فقط ، بدا أن كابوس ليبيا الطويل من الفوضى التي أطلقها التدخل “الإنساني” الذي قادته الولايات المتحدة عام 2011 قد ينتهي أخيراً، حيث كان وقف إطلاق النار بين الفصائل السياسية المتنازعة والمجموعات المسلحة فعالاً ولو بشكل جزئي على الأقل، حيث ساهم بدوره في خفض مستوى العنف في البلاد، كما أن الهجرة الجماعية الهائلة للاجئين، والتي كان الكثير منها على متن مراكب صغيرة مكتظة في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، تباطأت كذلك، وكان من المقرر وفقا للخطة السابقة إجراء انتخابات في أوائل ديسمبر لاختيار حكومة جديدة، تحل محل حكومة الوفاق الحالية، لتقوم بعد ذلك بممارسة مهامها في جميع أنحاء البلاد.
تأجيل الانتخابات وتجدد الاشتباكات
تلاشى التفاؤل ببداية حل الأزمة الليبية مرة أخرى، فالانتخابات لن تتم الآن بل أُجلت حتى أوائل الربيع 2019- على اعتبار أن جميع الأطراف التزمت بما قُرِّر في الخطة الجديدة، ولكننا نلاحظ تجدد المناوشات المسلحة بين المجموعات المتناحرة في العاصمة طرابلس، وخَلُصَ مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة إلى أن ليبيا التي دمرها الصراع عالقة في دائرة مدمرة “تغذيها الطموحات الشخصية والثروات المسروقة في البلاد”، وأصر سلامة على أن الطريق الوحيد للمضي قدماً يجب أن يبدأ بمؤتمر وطني لجميع الأطراف في ليبيا مطلع عام 2019، وقد بدا هذا النهج أملاً غير مؤكد، أكثر منه استراتيجية واقعية.
ونظراً للأطراف المتعددة التي تتنافس على السلطة في ليبيا، فليس من المستغرب أن يستمر الصراع الليبي ولكن وسط كل هذه الفوضى كان هناك بعض التطورات المشجعة في 2017 و 2018 رغم ذلك، حيث قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجمع الأطراف في باريس لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الليبية المتناحرة في اجتماع باريس في يوليو 2017، وأفضت مجهودات وساطة ماكرون في وقت لاحق إلى اتفاق بين المشير خليفة حفتر، الذي ربما يكون أقوى قائد فصيل مسلح، ومنافسيه، والذي كان في أواخر مايو 2018، لإجراء انتخابات وطنية في العاشر من ديسمبر.
شكوك تحاصر الانتخابات
نشأ قدر كبير من عدم اليقين لدى المجتمع الدولي فيما إذا كان التاريخ المستهدف لشهر ديسمبر سيصمد، وكان هذا التشكيك قائماً على أسس سليمة، حيث لم تكن هذه هي المرة الأولى. ويجادل المشككون أيضا بأن أي اتفاق لإجراء انتخابات في المستقبل القريب يضع العربة أمام الحصان، وهم يشككون في إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة على الإطلاق ما لم يتم تحقيق تحسن ملحوظ في الاستقرار الكلي لليبيا.
إن من ينادون بالانتخابات في الوقت الحالي يحاولون تسهيل التصويت في البيئة الحالية المتصدعة والمتقلبة -كما يقولون- وقد يؤدي ذلك لتخويف الناخبين، وبالتالي حشو صناديق الاقتراع لصالح طرف معين …. وغير هذه الحيلة من أشكال الاحتيال، ومن المؤكد تقريباً أن الخاسرين سيرفضون نتائج مثل هذه الانتخابات وإذا ما حدث هذا فمن المحتمل أن تكون العواقب المحتملة هي استئناف القتال على نطاق واسع، وإذا حدث ذلك فقد تكون الأوضاع حينها في ليبيا الأسوأ منذ الثورة التي انطلقت عام 2011، وإذا لم يتم تجنب مثل هذا الانهيار، فإن ليبيا ستظل بعيدة عن تحقيق الديمقراطية، كما لم يُظهر حفتر ولا معارضوه على الإطلاق التزامًا كبيرًا بالمعايير الديمقراطية.
يجب أن تكون إحدى أهم النقاط واضحة الآن، إذا كان الوضع في ليبيا سيتحسن ويظل هكذا بشكل دائم، فسيكون ذلك نتاج إجراءات أكثر حكمة تتبناها مختلف الفصائل الليبية؛ فيجب أن تكون الديمقراطية والاستقرار، هما الركيزتان الأساسيتان لبناء ليبيا وضمان استمرار النمو والازدهار.