“إيكونومست” تتوقع: بعد سقوط سرت.. جهاديون بلا حدود
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا ضمّنته تقديرات وتحليلات بشأن وجهة تنظيم داعش بعد انتهاء معركة سرت، إذ لفتت إلى أن مساحة الأرض بدأت في الانكماش تحت أقدام تنظيم داعش، فالقوات العراقية تتحرك بالتدريج نحو مركز مدينة الموصل، بينما عيون المقاتلين الأكراد على مدينة الرقة عاصمة التنظيم في سوريا، فكيف يتعامل التنظيم مع خسائره للأراضي، وللإجابة على هذا السؤال لننظر إلى حيث طُرد الجهاديين من سرت.
بسبب الحرب الأهلية المشتعلة فيها، أصبحت ليبيا نقطة تجمع للجهاديين في المنطقة، وتمكن داعش هذا العام من السيطرة على نحو 240 كيلومترا من سواحل البلاد والمنطقة التي كانت مسقط رأس الدكتاتور السابق القذافي، واعتُبرت المدينة عاصمة تبادلية للتنظيم في حال سقوط الرقة، لكن بعد نحو 7 شهور من القتال طُرد داعش من قاعدته في ليبيا.
حكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل الأمم المتحدة هي من قاد الهجوم لطرد داعش وكانت تعتمد بالدرجة الأولى على قوات من مصراتة، بمساعدة ضربات جوية أميركية التي نفذت أكثر من 500 غارة منذ بداية أغسطس. وكان يُعتقد في الماضي أن داعش يملك عدة آلاف من المقاتلين في سرت، لكن من المحتمل أن أغلبهم قد قتل بمن فيهم قادتهم.
لكن المحللين يحذرون من أن الجماعة لا تزال تمثل تهديدا قويا للغرب وللمنطقة ولليبيا نفسها. فقد أبلغ المبعوث الأميركي جوناثان وّينر الكونغرس عن احتمال أن يشكل التنظيم خلايا سرية في أنحاء البلاد وقال: “نعتقد أنهن يتحينون الفرصة لمهاجمة جيران ليبيا وتأكيد حضور داعش في المنطقة جغرافيا.”
يُعتقد أن مئات الجهاديين قد تراجعوا خلال المواجهات من سرت إلى الجنوب، ولكن طوال الوقت السابق كان لداعش مقاتلون في أنحاء ليبيا. ففي بنغازي هاجموا قوات تابعة لقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، الذي يقاوم الإسلاميين، كما يمكن العثور على مقاتلي داعش موزعين في الصحراء الشاسعة التي يشنون منها الهجمات. ورغم أنه جرى إضعافهم إلا أنهم قد يجدون العون عبر شبكة من الجماعات الجهادية مثل أنصار الشريعة والقاعدة في بلاد المغرب.
ولا تزال الظروف التي مكنت التنظيم من البروز في المرة الأولى قائمة، فحكومة الوفاق لا يمكنها تأمين العاصمة التي تسيطر على أجزاء منها جماعات تدعم الحكومة السابقة ذات التوجه الإسلامي. وهناك حكومة أخرى في شرق البلاد التي تحظى بتأييد حفتر وترفض التنازل لحكومة الوفاق. وقد سيطرت قوات الجنرال مؤخرا على الهلال النفطي وهو يعطيه قوة وميزة في أية مفاوضات تقودها الأمم المتحدة.
لكن كثيرين يرون أن السيد حفتر الذي يصف كل الإسلاميين بالإرهابيين، وقد تمكنت قواته مؤخرا من صد هجوم لتجمع من المليشيات (بعضها مدعوم من وزير دفاع حكومة الوفاق كما يدّعي البعض) التي حاولت استعادة المنشآت النفطية. ويأمل مناصروه أن يقوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب والمعروف بإعجابه بمن يقفون في وجه الإسلاميين، بأن يقف في صف حفتر، رغم أن ترامب لم يبد إلا اهتماما بسيطا بليبيا. ومع انتهاء حملة سرت، سرعان ما تعملُ أميركا على تغيير خططها للاشتباك مع التنظيم المعادي.
رغم هزيمة التنظيم في سرت، وما ظهر من توتر بين مقاتلي داعش المحليين والأجانب، إلاّ أن داعش سيستمر في الاستفادة من الفوضى في ليبيا. فمن السهل الحصول على الأسلحة، والحدود مفتوحة، والنقمة في صفوف الشعب توفر فرصة كبيرة لتجنيد المقاتلين. حيث يمكن للإرهابيين العمل والتدريب في المساحات الشاسعة التي تفتقر إلى وجود سلطة فيها، والقيام بهجمات على الجيران، مثل تونس التي تعرضت للهجمات من قبل. وحتى يتم الاتفاق على سلمٍ شاملٍ وإقامة حكومة مركزية فاعلة، سيستمر مجندو داعش في العبث بليبيا. وهو الأمر نفسه الذي سيحدث في سوريا والعراق حتى بعد سقوط الموصل والرقة.