إلهام الفرجاني لـ”218″: “الديجيتال أرت” أفسد اللوحة التشكيلية
218| خلود الفلاح
إلهام الفرجاني، فنانة تشكيلية ليبية، لوحاتها متدفقة بالاستمرارية والتنوع، مرّت تجربتها الفنية بعدة تحولات من الواقعية إلى التجريدية إلى مرحلة مختلفة أخرى، وهي محاكاة النقوش والزخارف الليبية القديمة.
تشغل “الفرجاني”، إدارة شعبة الديكور المسرحي بقسم الفنون الدرامية بكلية الفنون والإعلام في جامعة طرابلس. وإدارة برامج بيت اسكندر للفنون والثقافة.
ونالت عن رسالتها “تجريد الحرف العربي”؛ درجة الماجستير من أكاديمية بلغراد للفنون الجميلة، ودرجة الدكتوراه من كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية عن رسالتها “استلهام السمات الفطرية في إبداعات فن التصوير المعاصر”.
استمدت الفنانة التشكيلية، إلهام الفرجاني، أفكار لوحاتها في البداية من واقع الحياة الليبية، وتلفت الفرجاني إلى أنها كانت متأثرة بالمدرسة الواقعية العام 1996.
وقالت: تجربتي في مرحلة الماجستير كانت نقلةً من المدرسة الواقعية إلى المدرسة التجريدية وهنا كنت استمد افكاري من ألوان رائد المدرسة التجريدية الفنان التجريدي فاسيلي كاندنيسكي، وكان مصدر إلهامي الحرف العربي واشتغلت رسالتي عن تجريد الحرف العربي بألوان كندينسكي العام 1998.
وتابعت: في المرحلة الثالثة وتحديدا العام 2002، انتقلت إلى ما يسمى بما فوق الواقعية، ومن هنا أصبحت كل أفكاري مرتبطةً بعملية بحثية تخضع لرسالة لها مصادرها ومراجعها وفلسفتها الخاصة بها.
وأردفت: في العام 2007، وصلت إلى أهم مرحلة في حياتي الفنية وهي رسالة الدكتوراه التي كانت عن “استلهام السمات الفطرية في إبداعات التصوير المعاصر” ليبيا نموذجًا، وكانت أول تجربة بحثية أخوضها عن الفن الصخري في ليبيا (أكاكوس) ومن هنا أصبح فني يحاكي سلسلة الرسومات الصخرية عن ليبيا، مستلهمةً كل أفكاري من القصص الأسطورية وعلاقتها بالطوارق والتبو.
تحوّل فنيّ
وتعتبر “الفرجاني”، أن التحولات التي مرت بها تجربتها التشكيلية هي تعبير عن تحولات في ذاتها كإنسان، وهي أيضًا انعكاس للواقع الاجتماعي والقلق الفني الإنساني والمعرفي.
ووصفت إلهام الفرجاني، طقوسها في الرسم بـ”الفصول الأربعة”، موضحةً: مزاج الفنان يلعب دورًا في إنجاز العمل، والأمر المزعج الآخر في أي بداية؛ هو تجسيد الفكرة ثم العمل على وضع أساسيات بناء الفكرة والبحث عن تجربة مناسبة وجديدة لتطبيق الفكرة، وطرحها بشكل متفرد.
وعن الصعوبات التي تُواجه الحركة التشكيلية الليبية تقول: “عدم وجود براحٍ يحتضن الحركة التشكيلية والفنية بكل انواعها في ليبيا؛ ممّا أدى إلى عزوف بعض الفنانين عن تقديم أي نوع من الفنون، كما يفتقد الرسامون لوجود أماكن خاصة بهم مجهزة لممارسة فنهم، إضافةً إلى الصعوبة الكبيرة في بيع الأعمال الفنية”.
النصّ التشكيلي
ونسألها، ما المطلوب من الفنان وهو ينجز نصه التشكيلي؟ فتقول: يجب على الفنان أن يكون باحث وصاحب فكر وينتمي إلى فلسفة مؤمن بها لإخراج عمله الفني بشكل مختلف. وأن يمتلك أدواته وقدرة على البحث عن موضوع متفرد وفكرة جديدة ذات قيمة فنية عالية تحمل فلسفة خاصة بالعمل وعدم التكرار والتقليد.
وتؤمن “الفرجاني”، أن اللون في اللوحة له أهمية مثل الفكرة، بمعنى أن الفكرة والموضوع عبارة عن توزيع لوني مدروس والذي يسمى بالإظهار اللوني للعمل من تسطيح ( 2D )، إظهار عمق العمل على إظهار البعد الثالث للعمل(3D )، والذي يُجسّد ويُحاكي الفكرة الرئيسة للعمل.
وتضيف: ” الألوان الأكثر استخداما في أعمالي الأزرق بكل درجاته والبرتقالي المصفر”.
وترى “الفرجاني”، أن واقع تأثير التكنولوجيا على اللوحة التشكيلية سيء جدًا.
واستطردت: “هذا الواقع يساهم في التشويش لمفهوم الفن، وهناك بعض الفنانين من الرعيل الأول أصبحت لديهم توجهاتٌ نحو الرسم بما يعرف بالديجيتال ارت، وابتعدوا عن إنتاج الأعمال الملموسة التي تحمل الرسالة الحقيقية، يتم تقديم فن خاضع لعصر السرعة وبالتالي يساهم في إنتاج أعمال بلا طعم وتحمل ألوانًا مفبركةً ميتةً، لا تحمل أي رسالة، مجرد بريق فني مبهر لفترة قصيرة”.
نقوش ليبية
وتؤمن “الفرجاني”، أن الفن في جوهره حالة وليس موقفًا جمالًيا وفلسفيًا من الوجود، وكل حالة ناتجة عن تراكمات لا إرادية ناتجة عن الذبذبات التي تبعثها مصادر الطاقة السبعة الموزعة على جسم الإنسان.
وقالت: تكوين لوحاتي ليس به تأثير أو ارتباط محيطي أبدًا، بل هو مبنيٌّ على عملية بحثية ناتجة عن حصيلة دراسات قد تستغرق سنتين أو أكثر، ويتم تجسيد الفكرة وتطبيقها بعد ذلك.
وتُشكّل النقوش والزخارف وتاريخ الحضارة الليبية حيزًا من اهتمام إلهام الفرجاني الفني، وتضيف: “أنا باحثةٌ، ويهمني أمر كلّ خطٍ أو شكلٍ أو كتلةٍ، سواءً متزنة أو عشوائية، تحتوي لوحاتي على رموزٍ ذات علاقة بالأصالة والعراقة والحضارة الليبية، بل أعتبره واجب ودوري الأساسي العمل على كيفية استخراج المشاهد الأسطورية والخيالية والواقعية بأوضاعها الزمكانية”.
وتشير “الفرجاني”، إلى أن هناك العديد من الفنانين الذين عبّروا عن حياتهم الشخصية بطرق مختلفة، بحسب تأثّرهم بوقائع واقعهم.
وتابعت أن أعمالها “سيمفونية الحرب”، و “مسرح الحرب” قد تم إنجازها تحت أصوات القصف مع خلفية موسيقية لبيتهوفن هي سيمفونية الحرب العالمية الثانية، بدلاً من سماع أصوات انفجارات ذخائر الحرب؛؛ وهذا كان انعكاسًا تلقائيًا لأعمالها، بحسب قولها.