إذن: جمال عبدالناصر هو قاتل كامل مروة!
إدريس الدريس
نشرت مجلة إيلاف الإلكترونية أمس الأول تقريراً مثيراً ولافتاً يلخص قصة مقتل المفكر الطليعي والصحفي الكبير كامل مروة مؤسس جريدة الحياة، ويكشف التقرير خبايا الجريمة ودور السيد كريم ابن القتيل في تعقب خفايا الجريمة ثم نشرها على الملأ بعد خمسين عاماً من حدوثها. التقرير ونتائجه الواضحة تأكيد على دور التنظيم الناصري وللقوميين العرب وهو تأكيد يتجدد على سوء الأنظمة العسكرية والأنظمة الثيوقراطية التي تُسيِّرُ أمورها وفق فكرة مقدسة ووفق أجندة محصورة في عصبة من المتحزبين أو شلة من الذين يديرون الأمور وفقاً لمصلحة ضيقة تنحصر فقط في كل الذين يدورون ضمن هذه الحزمة من المنتفعين وهم كعادة كل الأنظمة الشمولية يتحكمون في كل مفاصل الدولة ويسخرون مكينة الإعلام ومكاتب سفاراتهم لتكريس عبودية النظام وتشديد قبضته الأمنية. حين بدأت في صغري أدرك بعضاً من مرحلة جمال عبدالناصر وجدتني كمن عليه أن يختار الانحياز لأحد الفريقين المتنافسين في ذلك الحين فإما أن تميل إلى فئة الناصريين الثوريين اليساريين أو أن تبقى في جانب المحافظين اليمينيين التقليديين وهم غالباً الملكيون، لم أقرر في البداية لضعف إدراكي رغم أن الإعلام الكاسح والناجح كان يقف في صف عبدالناصر لكنني أدركت في مقتبل شبابي مع شيء من موالاة القراءة وتحليل النتائج ثم السفر والتعرف على النتائج واقعياً من خلال المشاهدة أن شعار القومية والعروبة إنما كان سلعة يتم التكسب بها، وبها تتم دغدغة المشاعر العاطفية الشعبية لكن جاءت حرب 67 والنكسة التي تلتها والإحباط ثم الهزيمة الميدانية وانعكاساتها النفسية السلبية على الشعوب العربية ثم ما أعقبها من تنمية حضرية وتطور عصري للملكيات الخليجية هو ما أكد عندي دائماً أن الأمة العربية أمة عشائرية وينحاز مزاج الناس فيها لشيخ العشيرة أو الملك أو الأمير على النحو الذي يظهر في استقرار دول الخليج الست والمغرب والأردن. بينما يؤكد الواقع المشاهد أن البلاد العربية خرجت من مصيبة الزعامة الناصرية لتقع في مصيبة الانقياد لمصيبة القيادة الكهنوتية الإيرانية والأمر قابل للتبصر في أحوال ليبيا والعراق وسوريا ولبنان واليمن وهي للإحاطة دول خرجت من مظلة عبدالناصر وتابعيه لتدخل تحت مظلة المنظمات التي زرعتها إيران من خلال حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين وهكذا هو حال بعض الدول العربية تخرج من حفرة لتقع في الأخرى. تزول كل الأنظمة الطارئة والمخالفة للمزاج العشائري القبلي ليثبت الواقع بعد عقود طويلة أن الأنظمة الملكية المتكئة على إرث أخلاقي والمتوافقة مع حاجة الناس هي الأصلح والأبقى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “عكاظ” السعودية