إحاطة سلامة: من المجهول إلى المجهول
عبدالسلام نصية
قدم الدكتور غسان سلامة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا إحاطته الدورية لمجلس الأمن يوم أمس الإثنين الموافق 22 مايو 2018 في ظل ظروف اقتصادية وسياسية صعبة تمر بها البلاد و أيضا في ظل وقت صعب بالنسبة للسيد سلامة نفسه بعد مرور فترة ليست بالقصيرة على توليه هذه المهمة وتقديمه لخطته والتي من خلالها فتح كل المسارات في نفس التوقيت ليتشتت بينها.
ومن خلال الإحاطة التي كانت هذه المرة من خارج ليبيا يمكن ملاحظة الاتي:
أولا: استمرار عدم التوافق الإقليمي والدولي على آلية تطبيق كل مسارات خطة سلامة، واستمرار تمسك كل محور بأدواته وأشخاصه ورؤيته لتشكيل دولة ليبيا التي تحقق له مصالحه.
ثانيا: أعلن السيد سلامة وفاة مسار تعديل الاتفاق السياسي بعد أن كان في غيبوبة خلال الأشهر الماضية، ولم يحيط مجلس الأمن عن أسباب هذه الوفاة بالرغم من أنه المسار الأمثل لإيجاد استقرار وتوحيد المؤسسات والتهيئة للانتخابات . لم يوضح السيد سلامة من عرقل هذا المسار هل هي الأطراف الإقليمية أم الأطراف الليبية أم الاثنين معا لارتباطهما ببعض وإصرارهما معا على ضرورة أن تكون السلطة التنفيذية الجديد بأسماء معينة وأن من لم يضمن مكانه فيها قام بعرقلتها وتخريبها.
ثالثا: تحدث السيد غسان عن المسار الآخر وهو الانتخابات وأصر مرة أخرى على أن تكون قبل نهاية السنة الحالية ولا اعتقد أن السيد غسان لا يدرك أننا كدنا نتجاوز نصفها الأول خاصة وأنه أعلن عن عملية فتح لسجل الانتخابات الذي أقفل منذ شهرين فقط، ولم يحدد السيد سلامة توقيت أو رؤية واضحة لهذه الانتخابات وأسسها التشريعية والتمسنا من حديثه أن هذا المسار أيضا يواجه عدم توافق إقليمي ومحلي ليس حول المبدأ او المفهوم ولكن حول نوعية الانتخابات وأسسها التشريعية، وبذلك لا نعلم وفي ظل تجربة المسار الأول كم من الوقت سوف يستغرق لكي يعلن المبعوث الدولي خبر وفاة هذا المسار والذهاب نحو مسار آخر.
رابعا: تحدث المبعوث الخاص عن المؤتمر الوطني والذي بدات سلسلة انعقاده في عدة مدن ليبية ولم يقدم المبعوث الخاص أية تفاصيل حول هذا المؤتمر الوطني ومخرجاته وأهميته بالنسبة للمسارات الأخرى وبالأخص مسار الانتخابات ولماذا لم يطرح في لقاءات المؤتمر الوطني مسار تعديل الاتفاق السياسي وأسباب تعثره ومقترحات لإنجاحه؟
ختاما: ندرك تماما صعوبة المسارات في القضية الليبية خاصة في ظل عدم التوافق الإقليمي وأدواته المحلية وقد كان يحذونا الأمل بعد أن تم التوافق على تعديل الاتفاق السياسي وبناء هياكل تهدف لتوحيد المؤسسات والتهئية للانتخابات أن ينجح هذا المسار وتبتعد الدول الإقليمية و الأطراف المحلية عن الأنانية والشخصنة وتساعد في استكمال هذا المسار خاصة بعد انتخابات رئاسة مجلس الدولة من خلال التصويت أو الموافقة على مخرجات تونس أو المقترحات التي قدمت في لقاءات رؤساء اللجان مع المبعوث الخاص في طرابلس ولكن للأسف لم يحدث ذلك. لذا فإننا نؤكد مرة أخرى على أن الانتخابات يجب أن تكون رئاسية وبرلمانية وأن لا نكرر نفس التجرية ونتوقع نتائج مختلفة، وأن هذا المسار يحتاج أيضا للبدء الفوري في التشاور حول أساسه التشريعي وفقا لإطار زمني محدد ومعلن