أمان طرابلس .. “بوستة” لا “غوط الشعال”!
عبدالوهاب قرينقو
الكثير من التحديات التي كانت تهدد الاستعداد للعملية الانتخابية في ليبيا تضاءلت بعد وقوع أكبر تهديد يمكن تصوره وذلك بالهجوم على مقر الانتخابات في طرابلس ما أعاد للأذهان مجدداً الانشغال الكبير حول نجاح الانتخابات إن حدثت، فبعد ضرب مقر المفوضية العليا للانتخابات الوطنية في طرابلس ارتسم السؤال الكبير أمام المواطن والمسؤول والمراقب على حد سواء عن مستقبل الانتخابات الليبية مع هذا التهديد السافر من قبل تنظيم داعش الذي حرص على ضرب العملية الانتخابية في أكثر من بلد، العراق وافغانستان وغيرهما من الدول التي تعمها الفوضى السياسية بل أن ضربته في ليبيا أتت في وقت مبكر جداً قبل الانطلاق.
رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح طمأن الجميع على سلامة سجلات الناخبين والمنظومة بترتيبات احتياطية مسبقة فالخسارة فقط في أرواح من قضوا وبذلوا أرواحهم جراء الهجوم الغادر ما يعني أن تسترجع اللجنة قدراتها وتستأنف أعمالها في أسرع وقت.
بعد واقعة غوط الشعال الدامية كل المعطيات تشي بأن الكرة في ملعب السلطات الليبية الحاكمة اليوم رغم كل تشظيها في إعادة قطار العملية الانتخابية إلى سكته الطبيعية مع أخذ العبرة والاعتبار لتوحيد كل الجهود الأمنية والعسكرية في محاربة الارهاب والحد من تأثيره على خيار الليبييين في دولة الديموقراطية والمؤسسات .
. . . ولكن سؤال ثان يلوح في سماء الأزمة الليبية عما إذا كان لنتائج الانتخابات من جدوى وفاعلية بوجود مئات المليشيات والمجموعات المسلحة أكانت موازية للجيش والشرطة أو تلك المساندة لهما في كل انحاء البلاد والعاصمة على وجه الخصوص .
. . . ومهما دار من لغط حول وجوب نقل المفوضية العليا للانتخابات إلى مدينة أخرى فإن هذا ليس بالحل الأمثل الذي في حالة الاتيان به اعتراف بالهزيمة في وجه طيور الظلام أعداء الإنسانية وإعلان فشلنا في أن تنجح بلادنا في مسعاها نحو دولة الديموقراطية والمؤسسات، على أن الهجوم الارهابي على مقر الانتخابات في طرابلس أعاد الانتباه إلى مدى خطورة إجراء الانتخابات في ظل الهشاشة الأمنية ودعوة الجميع إلى مراجعة الاتفاقيات الأمنية بين المجلس الرئاسي والعديد من الدول، آخرها الولايات المتحدة الأميركية .
. . . أكثر من اتفاقية تعاون أمني وقعها رئاسي الوفاق بيد رئيسه السراج أو وكلاء وزاراته المنوط بها الشأن العدلي والأمني والعسكري .. فالرئاسي ما انفك يبرم الاتفاقيات مع الدول والمنظمات لارساء الأمن والآمان أو ما يفترض أن يكون كذلك.. آخر توقيعات الرئاسي كانت منذ أسبوع على اتفاقيتين أمنيتين مع أميركا .. وأيُّ اتفاقيتين ؟!! :
اتفاقية أولى نصت على أن تدرب أميركا الكوادر القضائية الليبية في مجال العدالة الجنائية ،فيما نصت الاتفاقية الثانية على تزويد المنافذ البرية والبحرية والمطارات الليبية بمنظومات خاصة بالتحقق من صحة وثائق السفر.
تعاونٌ يعيد إلى الأذهان تفعيل اتفاق أشمل مع إيطاليا وقعته مع الدولة الليبية في 2008 واستأنفه الرئاسي العام الماضي دون فوائد ملموسة تُذكر للجانب الليبي .
. . . في الاتفاقيتين الأخيرتين تناسى الطرفان الليبي والأميركي -أو أنهما غضا الطرف عن- أن هذا التعاون هو مجرد حبر على ورق ما لم يُغطِ كامل التراب الليبي لا المنطقة المحدودة جداً التي بالكاد يسيطر عليها رئاسي الوفاق -وإن كان الوقت مبكراً للحكم على نجاعةِ هذا التعاون- لاسيما وأن التوقيع تم قبل أيام معدودات من الهجوم الاجرامي على مقر المفوضية العليا للانتخابات في طرابلس معقل رئاسي الوفاق الذي هرع حرسه الرئاسي إلى أبوستة لحماية مقر السراج بدلاً من التوجه إلى غوط الشعال حيث الواقعة – الكارثية .