أصحاب الحمــار .. و أصحاب الفيــل !!
محمد يوسف الوحيدي
توجهات أمريكا بعد فوز ترامب ، و تأثير ذلك على فلسطين ، و العرب جمهوريون أم ديمقراطيون ؟
ثلاثة عناوين ، كل واحد منها يحتاج إلى بحث علمي متعمق و كم معلوماتي و تسلسل منطقي يستنبط منه نتائج و توقعات ، و يحتاج إلى جهد كبير ـ أعتقد أن مراكزا للبحوث و الدراسات قامت و تقوم و ستظل منهمكة في البحث حول هذه العناوين و مثيلاتها و ربما تضمن لنفسها الإستمرارية على الأقل للسنوات الأربع القادمة .
إنشق العالم العربي ” و كم هو يحب أن ينشق و ينقسم ” بعد فوز دونالد ترامب و الجمهوريون بالرئاسة ، بين من يرى أن فوزه إنتقاماً قدرياً من هيلاري كلينتون ، صاحبة الربيع العربي و داعمة الإخوان ، و التي صرفت و بإغداق قارب السفه و التبذير على ما سمي ثورات و ثوار الربيع العربي ، و دعمت بكل قوتها و نفوذها شخوصاً كرتونية تصدرت إهتمامات العالم في فترة معينة ، بل إن بعضهم حصل على نوبل ، و بعضهم تحول إلى مستشار لعدد من الجامعات العريقة و يحاضر حول خلاصة ” خبراته ” الثورية و السياسية في أنحاء العالم .. بينما وقف معسكر عربي آخر موقف الرافض لتبوء هذا المخبول المنغمس بالملذات ، و زوجته الراقصة أو العارضة السابقة و إبنته التي فاخر بأنها تحمل في أحشائها سِفاحاً طفلاً يهودياً .. و أنه داعم لإسرئيل و مستوطنيها و عازم على الإعتراف بالقدس عاصمة يهودية أبدية !! و بأنه يكره المسلمين و سيطردهم و يمنع وصولهم إلى أمريكا .. و إشتعلت الحرب بين قبائل العرب الجمهوريين و العرب الديمقراطيين ، بين أصحاب الحمار و أصحاب الفيل .. و الحقيقة ، أننا و بذاكرتنا العربية السمكية ، و بعاطفتنا التي إهتزت يوم جاء باراك حسين أوباما ، و حينها كنا نلح إصراراً بالتأكيد على إسمه كاملاً .. و إغتبطنا ، و ضحكنا وصفقنا و سالت ريالتنا و هو يحينا بتحية ” الإسلام ” من منبر جامعة القاهرة ( السلامو ألايكم ).. و الأن و نحن نودعه بتألم ، و حزن على خليفته الماجدة السيدة هيلاري كلينتون .. ننسى أن أكبر إتفاقية عسكرية و أمنية في التاريخ بقيمة وصلت إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار أمريكي ..هذه الإتفاقية وقعها و أصر عليها ، أوباما ، الديمقراطي ، و السيدة كلينتون الماسوف على شبابها .. و من ناحية ثانية و نحن في خضم الهجوم على كلينتون و الديمقراطيين و بأنهم هم من صنع القاعدة و داعش ، ننسى أن حرب العراق قام بها الأحمق الصغير جورج دبليو بوش الإبن ، الجمهوري .. و أن قتل العراقيين أطفالاً و شباباً و شيباً ، و إغتصاب نساءنا ، بناتنا و أخواتنا ، و هدر شرفنا ، كان في عهده الميمون ، و في عهده الميمون أيضاً ، حرر لنا الكويت العربي ، من دنس العرب العراقيين البعثيين ، لتغسل بماء المسيسيبي الطهور ، و مباركة شهود يهوة ..
إقشعرت أبدان الفلسطينيين ، و ربما بعض العرب ، بعد أن استمعوا لخطب الوفاء و الولاء الترامبي ، أو تصريحات نائبة و أعوانه ، بدعم إسرائيل ، و رفضهم المطلق لخطاب الكراهية و الإرهاب الفلسطيني و إعتبارهم شهداء فلسطين بأنهم قتلة هم إلى الإجرام و الإرهاب أقرب ، و تأييدهم لفكرة يهودية إسرائيل .. و نسينا أن هيلاري كلينتون رأت أن الألفين و خمساية إنسان ، معظمهم من الأطفال ، وهم عدد ( قتلى ) الحرب الخمسينية على قطاع غزة في 2014 كان بسيطاً ، و أن إسرائيل يجب أن تقتل في الحرب القادمة مائتين و خمسين ألف فلسطيني ، و هي تدافع عن ” المدنيين الإسرائيليين الأبرياء ” ..!!
و هكذا و بين هذه و ذاك ، إنشق العرب ، بين أصحاب الحمار ، و اصحاب الفيل ، و إنعكس هذا بطبيعة الحال ، وبفعل وحدة الدم والمصير ، و كل دواعي و مقومات القومية العربية ، و الأمن القومي ، على الحالة الفلسطينية ، التي رأت ، أن إصلاح ذات البين الفتحاوي ، و الفتحاوي الحمساوي ، هو أولوية أولى ولكن بعضهم ( العرب و بالتالي الفلسطينيين ) رأي أن الإصلاح يجب أن يكون على طريقة أصحاب الفيل و رأي البعض الآخر ، أن الحل يجب أن يكون على طريقة أصحاب الحمار .. و داخ الفلسطينيون بينهم و إحتاروا ، و الحقيقة ، وكما هو ثابت بالوثائق و المواقف و التاريخ و الجغرافيا وحساب المثلثات و الهندسة الفراغية .. أن لا فرق بين أصحاب الفيل و أصحاب الحمار .. ولا أتباعهم في وطني حبيبي الوطن الأكبر ..و الحل الأمثل و الأعقل ، هو القفز خارج أسوار هذه ” الحظيرة ” .. و أننا كفلسطينيين ، يجب أن لا ننسى ، و لا نغفل عن حقيقة ، عن الإعتقاد الذي حفرته التجربة على عظامنا بعد القسطل ، و ثمانية و أربعون ، و سبعة و ستون ، و أيلول وحرب الثمانية و ثمانين يوماً و صبرا و شاتيلا و قانا و الخروج من بيروت ..و أخيراً بعد حرب غزة الخمسينية .. أننا وحدنا .. و أننا باقون ، و أن مشروعنا الوطني لن يبنى بغير سواعدنا ، لا بعواصمهم و لا هباتهم ، و لا بترولهم و لا غازهم ، ولا أموالهم .. نحن من إحتضنت أرضنا خليل الله إبراهيم و سليمان و داوود ، و يوسف ، و مريم البتول ، نحن من تعمد المسيح في مياهنا ، و نحن من إرتقى نبي الله محمد من سمائنا عروجاً .. نحن كنعان ، و نحن فتح الله بعد إنكسارهم و إنهزامهم ، نحن من سيتبر ما علوا تتبيرا .. نحن حراس بوابة سماء الله .. وصدق فيلسوفنا الفلسطيني محمود درويش حين قال :
ولا أَحدْ
إلاَّك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيانِ,
فاجعل كُلَّ متراسٍ بَلَدْ
لا .. لا أَحَدْ
سقط القناعُ
عرَبٌ أَطاعوا رُومَهم
عرَبٌ وباعوا رُوْحَهَم
عَرَبٌ.. وضاعوا