أزمة ليبيا من الليبيين
رمضان كرنفودة
دخلت الأزمة الليبية في منعرج آخر من الصراع الدولي على مصالحه في ليبيا والتي لم يتفق عليها حتى الآن بعد مضي 7 سنوات من سقوط نظام معمر القذافي.
هذا الصراع أصبح واضحا للعيان خصوصا بين إيطاليا وفرنسا الدولتين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى جانب أن عملة البلدين النقدية واحدة وهي اليورو، وهذا الصراع سياسي وليس عسكري لأن الصراع العسكري انتهى بين إيطاليا وفرنسا في الحرب العالمية الثانية.
الولايات المتحدة الأمريكية دخلت على خط الأزمة الليبية بشكل واضح للعيان في أزمة الهلال النفطي الأخيرة، من خلال رسالة واضحة إلى الأطراف الليبية بضرورة التوصل إلى حل للمشكلة واستنئاف تصدير النفط والغاز تحت شرعية المؤسسة الوطنية للنفط والغاز بطرابلس وإنشاء قاعدة عسكرية في النيجر.
حيث تمتلك فرنسا هناك قاعدة عسكرية كبيرة في شمال النيجر قرب الحدود الليبية، وتسعى إيطاليا لإنشاء مراكز مراقبة عسكرية في الحدود الليبية مع النيجر إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي أنهت مؤخرا بناء قاعدتها العسكرية في منطقة أغدايس النيجيرية. يشير ذلك، على أن الصراع أصبح ثلاثياً على ليبيا بمنطقة جنوب الصحراء بين دولتين تملكان القوة والسلاح النووي والاقتصاد القوي وهما فرنسا وأمريكا، ودولة مثل إيطاليا ذات اقتصاد ضعيف ولا تمتلك ترسانة سلاح قوية، مع ذلك تمكنت روما من ربط علاقة قوية بحكومة طرابلس المعترف بها دوليا. استفادت روما من هذة العلاقة في إبرام عدة اتفاقيات وتجديد اتفاقية ليبيا وإيطاليا التي وقعت عام 2008، وكذلك ملف الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط في إرساء عدة اتفاقيات مع حكومة الوفاق الوطني في مجال التدريب البحري لعناصر البحرية الليبية وصيانة بعض الزوارق الحربية.
حرب طرابلس الأخيرة هي إجهاض للمبادرة الفرنسية بخصوص الانتخابات حيث نصت مبادرة باريس أن يُصدر البرلمان قانون الانتخابات في منتصف سبتمبر الحالي وخيبة أمل أخرى كانت بسبب الإخفاق في التصويت على قانون الاستفتاء على مشروع الدستور. المشهد السياسي الجديد في ليبيا ملامحه غير واضحة وأصبح العالم يرسل رسائل مشفرة ومكتوبة بالحبر السري إلى جانب غموض المجلس الرئاسي في عدم تعاطيه لحل الأزمات للمواطن وأهمها الاقتصادية والأمنية.
البعثة الأممية في ليبيا والسفارات والمنظمات الدولية والمحلية رغم ما يحدث في طرابلس من اشتباكات بالأسلحة الثقيلة إلا أنها لم تغادر مقراتها وتعمل بشكل طبيعي وهذه إحدى الرسائل المشفرة من العالم لم يستطع أحد قراءتها حتى الآن؟
الجميع يعلم أن الأطراف الإقليمية والدولية لها أيادٍ في ليبيا تحركها وتدعمها بالسلاح والمال من أجل فرض أجندة سياسية ومصلحية لتلك الدول وهناك أصابع تشير إلى أن ما يحدث في طرابلس هو حرب بين دولتين كل دولة تحاول إجهاض مشروع الدولة الأخرى.
دخول عدد من أعضاء مجلس النواب قرابة 80 نائبا على خط إلغاء المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية وهم نفسهم من أيّد وصوّت للمجلس الرئاسي وكانت لهم حصة في اختيار الحقائب لهذا المجلس وهذا يعطي إشارة أخرى لتمطيط المرحلة وضرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
نستنتج من كل هذا أن حل الأزمة الليبية ليست بيد الليبيين بل بيدهم تمطيط الأزمة وخلق أزمات أخرى لإرباك المشهد واتضح جلياً أن الدول الإقليمية والدولية لم تتفق بعد على مصالحها في ليبيا وتعمل كل دولة بما وسعها على كيفية الحصول وتثبيت قاعدة المصالح لها من خلال الليبيين أنفسهم الذين أصبحوا هم من يصنع الأزمات بمواد خام من الخارج.
انتهت 7 سنوات ولم يفلح الليبيون في إرساء قواعد دولة مدنية ديمقراطية رغم النجاح في انتخابات المؤتمر الوطني العام ولكن انشقت الصفوف بسبب التوجهات السياسية المدعومة من الخارج.
ولكن الإصرار كان حليف الليبيين بإعادة المحاولة من خلال مخرجات فبراير من أجل إنهاء الصراع والانقسام السياسي في المؤتمر الوطني العام والخروج بانتخاب مجلس النواب ولكن ساسة ليبيا بقوا في نفس المربع والصراع على السلطة بشتى الطرق إلى أن وصلوا إلى الصدام المسلح بينهم.