أربعة طرق لحماية العاملين في المجال الإنساني في مناطق النزاع
نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مقالة في اليوم العالمي للعمل الإنساني، 19 أغسطس 2021، حول طرق حماية العاملين في المجال الإنساني في مناطق النزاع وجاء فيها:
بينما يراقب العالم الأزمة التي تنجلي تفاصيلها في أفغانستان، يتابع العاملون في المجال الإنساني عملهم الإغاثي بينما يستعدون في الحين نفسه للأوقات العصيبة المقبلة. وفي ظل تلك الظروف، يتحتم علينا بذل جهود أكثر من أجل حماية العاملين في المجال الإنساني الذين يعملون على الخطوط الأمامية في جميع أنحاء العالم.
بقلم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، والأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند:
في يونيو، أصاب صاروخان أحد أكبر المستشفيات في شمال سورية، مما أسفر عن مقتل 19 مدنياً، بينهم ثلاثة أطفال وأربعة من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، وأصيب 11 من الموظفي بالمستشفى بجروح، أصابت الصواريخ غرفة الطوارئ وجناح الولادة، فحولتهم إلى أنقاض، كذلك خرجت مستشفى الشفاء عن العمل الآن، وحُرم آلاف السوريين من المساعدات الطبية المنقذة للحياة، وفي وقت لاحق من نفس الشهر، قُتل في إقليم تيغراي بإثيوبيا ثلاثة موظفي إغاثة، معروفون بوضوح بصفتهم عاملين في منظمة إغاثية دولية.
للأسف، أصبحت مثل هذه الهجمات أكثر شيوعاً، فأسبوعياً، يُقتل العاملون في المجال الإنساني في جميع أنحاء العالم أو يُصابون أو يتعرضون للاعتداء الجنسي، أو يُختطفون أو يُحتجزون أثناء أداء واجبهم الإنساني في مساعدة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في العالم.
وفي نفس الوقت، وصلت الاحتياجات الإنسانية حالياً إلى مستوى قياسي، حيث يحتاج حوالي 235 مليون شخص إلى المساعدة في 56 دولة حول العالم، ويرجع ذلك إلى الآثار المجتمعة الناتجة عن النزاعات المطوّلة، وأزمة المناخ وجائحة كوفيد-19.
لكن الملفت للانتباه هو الزيادة المضطردة في الهجمات المُبلَّغ عنها على موظفي الإغاثة، حيث زادت هذه الهجمات بمعدل عشرة أضعاف تقريبًا على مدار العشرين عامًا الماضية، وفقًا للتقارير الخاصة بالإغاثة الإنسانية.
لقد شهد العام الماضي وحده تعرّض 475 من عمال الإغاثة للهجوم؛ وقُتل منهم 108 في 41 دولة – الغالبية العظمى منهم من موظفي الإغاثة المحليين الذين يعملون في الخطوط الأمامية للنزاعات.
غالبًا ما تُجبر المنظمات الإنسانية على تعليق أنشطتها مؤقتًا أو على نقل الموظفين، مما يحرم السكان من إيصال المساعدات المنقذة للحياة وخدمات الحماية.
توجد قوانين حرب دولية صارمة لحماية عمليات الإغاثة وموظفي الإغاثة، ولتسهيل وصول المساعدات إلى أولئك الذين يحتاجونها ليبقوا على قيد الحياة، ولكن كثيراً ما تنتهكها بوقاحة الأطراف المتحاربة – سواء الدول أو الجماعات المسلحة، وعند انتهاكها، يواجهون عواقب قليلة.
فبالتزامن مع تزايد الاحتياجات الإنسانية، أصبح ضرورياً اتخاذ إجراءات عاجلة لإخراج الإغاثة والعاملين على إيصالها بعيداً عن خط النار، وضمان أن تصل الإغاثة إلى حيث ينبغي.
أولاً، يجب على الدول والجماعات المسلحة من غير الدول التي تنخرط في نزاع مسلح، أن تفي بالتزاماتها الأساسية بموجب القانون الإنساني الدولي.
فلقد أثبتت التجربة نجاح دمج قوانين الحرب في التدريب وقواعد الاشتباك للجيوش والجماعات المسلحة، كما هو الحال مع تبني سياسات وممارسات عسكرية قوية لضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية.
لدى الدول العديد من وسائل التأثير لحمل أطراف النزاع على احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بدءًا من الحوار السياسي ووصولاً إلى منع عمليات نقل الأسلحة، حيث يتواجد خطر واضح باستخدام الأسلحة لارتكاب انتهاكات جسيمة لتلك القوانين والتي يحتاجون إلى الاستمرار في تطبيقها.
ثانيًا، يجب التحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي منهجياً وباستقلال، ومحاسبة الجناة، فجرائم الحرب التي تمرّ دون عقاب تُشجع الجناة على ارتكاب المزيد من الانتهاكات.
ثالثًا، يجب على الحكومات أن تُدرك حاجة المنظمات الإنسانية للعمل المحايد مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات المسلحة من غير الدول، لمساعدة المحتاجين بأمان، وهذا يعني أن المنظمات الإنسانية يجب أن تكون قادرة على التحدث إلى من يسيطر على المناطق التي يقطنها من هم في حاجة للإغاثة كائناً من كان، وذلك من أجل أن تتمكن العائلات التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرتها من تلقي المساعدات الإنسانية.
وجدت دراسة أُجريت عام 2016 بتكليف من منظمة نداء جنيف (Geneva Call)، أن الجماعات المسلحة من غير الدول قد عبّرت عن قبول أكبر للقانون الدولي الإنساني عندما شاركت مشاركةً نشطةً طويلة الأمد مع العاملين في المجال الإنساني، فقد كان من المرجح أن تعيق هذه الجماعات المسلحة إمكانية عمال الإغاثة على أداء عملهم بل وتهاجمهم عندما يُنظر إلى المنظمات الإنسانية على أنها تدعم أجندةً سياسيةً ما.
وقريباً، سيعيّن أحدنا – مارتن غريفيث – مستشارًا خاصًا للحفاظ على المساحة الإنسانية وإمكانية الوصول الإنساني، وهذه فرصة لتسريع التقدم في هذه المجالات الحيوية، كما سيجب على الحكومات أن تتخذ خطوات جريئة وعملية لضمان احترام القانون الدولي وتيسير إمكانية الوصول الإنساني.
ورابعًا، يجب ألا تعرقل إجراءات مكافحة الإرهاب العمل الإنساني، ويجب أن تتضمن استثناءات واضحة للحفاظ على قدرة المنظمات الإنسانية على مساعدة المحتاجين أينما كانوا.
فغالبًا ما أعاقت إجراءات مكافحة الإرهاب العمل الإنساني في المناطق التي تتواجد فيها الجماعات المسلحة، بل وجرّمت في بعض الأحيان أنشطة الإغاثة المشروعة، وحرمت المدنيين من المساعدات المنقذة للحياة تماماً حيث منحهم القانون الدولي حق الحصول عليها.
استثنت التشريعات الوطنية الأنشطة الإنسانية من تطبيق تدابير مكافحة الإرهاب بموجب القانون الجنائي في العديد من البلدان، بما في ذلك تشاد وسويسرا مؤخراً، وهذه خطوة للأمام.
واليوم هو اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهو لحظة لتكريم العاملين في المجال الإنساني ممن قضوا، إن اتخاذ إجراءات مُجدية وفورية لحماية كل عامل إغاثة يعمل اليوم لهيَ أفضل طريقة يمكننا من خلالها احترام إرثهم وذكراهم.