أديبة المنافي
سمير عطا الله
ولدت في البيرو (1902)، ونشأت في التشيلي، وجاءت مع والدها الدبلوماسي إلى بيروت، لكن حوادث 1958 أخرجتها من مدرستها لتعود إلى سانتياغو. عملت في الصحافة، لكن بغير ألق. عام 1973، انتخب ابن عم والدها، الدكتور سلفادور أليندي، رئيساً للجمهورية، لكنه اغتيل بعد قليل ليبدأ حكم عسكري طاغٍ، بزعامة الجنرال أوغستو بينوشيه، فهربت إلى فنزويلا مع عائلتها. وبعد 11 عاماً، انتقلت إلى سان فرانسيسكو حيث أكملت حياة الكتابة.
فقدت إيزابيل أليندي على طرق المنفى ابنتها باولا. وحوَّلها الفقدان إلى روائية كبيرة وإنسانة عظيمة. وقد أقامت مؤسسة خيرية لذكراها تموَّل من بيع كتبها، ويديرها زوج الابنة. ولم يطغ على حياتها شيء كما طغى غياب باولا، لكنها تقول إن الكتابة أنقذتها من براثن الحزن واليأس.
العائلة كانت سرّ حياتها الأدبية. فقد توفي جدها وهي في فنزويلا، ولم تستطع العودة إلى تشيلي لحضور جنازته؛ جلست إلى طاولتها تكتب رسالة إليه. صباح اليوم التالي، كانت لا تزال تكتب، وأكملت الرسالة حتى بلغت 500 صفحة، لكنها لم تعثر على ناشر إلا في الأرجنتين، كما حدث مع غابرييل غارسيا ماركيز من قبل. خلال أسابيع، تحول «بيت الأرواح» إلى سيد المبيعات، لكنها خافت الانصراف إلى الرواية تماماً، فربما لن تجد ما ترويه غداً.
استمرت في عملها الصحافي حتى صدور كتابها الثالث، فاطمأنت إلى أنه سوف يمكنها العيش مع عائلتها من الدخل الأدبي، لكنها مضت لتصبح أهم روائية بالإسبانية، اللغة الثانية في العالم. لغة أم تكتب بها، لكنها لا تفاخر بحضارتها: ما ارتكبه الإسبان في أميركا الجنوبية هو عمل إجرامي منحط.
«أسوأ الإبادات في العالم وقعت ضد الأميركيين الأصليين، شمالاً وجنوباً. حمل الإسبان إلى القارة الجنوبية ثقافة منحطة، لأن إسبانيا نفسها كانت في ظل محاكم التفتيش. أطلقوا جهازاً إمبراطورياً يرى أن الإمبراطور مساوٍ للإله؛ أناس يؤمنون بالخرافات والأساطير والمخلوقات التي لا وجود لها».
لكن هذا لم يمنعها من الكتابة «السحرية». فنرى جدتها في «بيت الأرواح» قادرة على تحريك الأشياء من بعيد، أو عزف البيانو من تحت غطاء. أما في الحقيقة، فإن الجدة كانت بالكاد تقدر على قراءة الصحيفة.
______________