أداء أميركا ليس رديئاً في مواجهة «كورونا»
راميش بونورو
لم نجرِ اختبارات كافية داخل الولايات المتحدة بخصوص فيروس «كوفيد – 19». أما الرئيس دونالد ترمب فقد قضى أسابيع في التقليل من خطورة التهديد ولا يزال يطلق تعليقات تقوض الجهود التي تبذلها إدارته على صعيد الصحة العامة. وفيما يتعلق بالكونغرس، فإنه لم يوفر تمويلاً كافياً لجهود الإغاثة، وغادر أعضاؤه المدينة دون أن يقروا آلية التصويت عن بعد إذا لزم الأمر. وأظهر بعض السياسيين جهلاً مؤسفاً تجاه الوباء، بينما بالغ آخرون في ردود أفعالهم على نحو أتى بنتائج عكسية.
ولدى الأميركيين كثير من الشكاوى المشروعة بخصوص الاستجابة لفيروس «كورونا». ويحق لهم التعبير عن شكاواهم، خصوصاً أن انتقاد الأخطاء يمكن أن يسهم في إصلاحها، أو على الأقل الحيلولة دون تكرارها.
إلا أن سخطنا المشروع لا ينبغي أن يخيم بظلاله على كل ما ينبغي لنا الشعور بالامتنان تجاهه. في بعض الدوائر، ثمة شعور بخيبة أمل مريرة في أميركا. من جهتها، اعتبرت الصحافية جوليا يوفي أن تصدّر الولايات المتحدة دول العالم من حيث عدد الإصابات المؤكدة إدانة لها. أما آن أبلبوم فعقدت مقارنة بين قرارنا وقف الرحلات الجوية وإرسال الصين مساعدات إلى إيطاليا، وتساءلت: «من القوة العظمى إذن؟».
وكتب جورج باكر مقالاً في «ذي أتلانتيك» ادعى فيه أن الوباء كشف النقاب عن أن الولايات المتحدة «دولة فاشلة».
في الواقع، كل هذا مبالغات، فالمقارنات الدولية بين أعداد الإصابات المؤكدة لا تخبرنا سوى بالقليل، بالنظر إلى أنها لا تأخذ في الاعتبار عدد السكان أو كذب بعض الحكومات أو التفاوت في إجراءات الرصد.
وفيما يخص النظام الصيني، فقد كبد الدول الأوروبية التي ترزح تحت وطأة الوباء، مبالغ ضخمة مقابل معدات اختبار وأقنعة حمائية معيبة، في الوقت الذي تتحمل فيه قدراً كبيراً من المسؤولية عن ظهور الوباء من الأساس. والآن، سقطت مكانة الصين داخل أوروبا، ولم ترتفع.
الحقيقة أنه رغم كل أخطائنا، فإننا لم نتعامل مع الوباء على نحو أسوأ بكثير عن دول متقدمة أخرى، فقد شهدت المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا جميعها معدلات وفيات أعلى. كما أن سكان الولايات المتحدة سرعان ما تكيفوا مع الظروف المتغيرة على نحو راديكالي، وإن كان هذا التكيف لم يكن بطبيعة الحال مثالياً أو متناغماً.
وحتى الحكومات على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات والمستوى المحلي، ورغم العيوب العميقة بها، تستحق بعض الإشادة، وتغلبت واشنطن على الانقسامات الحزبية لتمرر أكبر حزمتي إنقاذ. وقد يتجادل المرء بخصوص بنود الحزمتين، لكن تبقى العناصر الرئيسية منها صائبة تماماً، مثل إقرار زيادة كبيرة في إعانات البطالة وإسقاط ديون الشركات الصغيرة. ومن جهته، قلص بنك الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة ووسع دائرة الإقراض، وتحرك، مثل الكونغرس، بسرعة أكبر عما سبق له إظهاره خلال الأزمة المالية منذ قرابة 12 عاماً ماضية. الآن، ألغيت العشرات من التنظيمات الفيدرالية وأخرى على مستوى الولايات، سبق أن أعاقت جهود الاستجابة خلال الأزمة الماضية. واليوم، فإن نظاماً سياسياً غالباً ما كان يبدو متصلباً تحرك بسرعة كبيرة في ظل الظروف العصيبة الراهنة.
كما أن الأمل الأكبر في التوصل إلى انفراجة تقضي على فيروس «كورونا»، مثل إيجاد مصل، معقود على الصناعة الدوائية الحيوية بالولايات المتحدة. في الواقع، كثير من الأموال والعقول الأميركية، في إطار بيئة من السياسات العامة الداعمة، تعمل اليوم جاهدة من أجل خير العالم.
بالتأكيد وقعنا في أخطاء، أمر شائع الحدوث أوقات الأزمات، وهناك بالتأكيد حتى هذه اللحظة أشياء يمكن إنجازها على نحو أفضل. أما نحيل أن كل شيء كان ليمر بسلاسة فقط لو أن لدينا قيادات أفضل أو مؤسسات مختلفة، فإن هذا ينقلنا من خانة النقد البناء إلى الأوهام.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»