أحلام “الكان”.. في “خبر كان”
218TV|آزاد عبدالباسط- مقال خاص
شاءت الصدف أن أطير في مهمة عمل محفوفة بالأمل صوب العاصمة التونسية، وفي الطريق إليها من عمّان كان لابد من المرور في أجواء أرض الكنانة، ولست أدري لماذا قلت في نفسي إن “فرسان المتوسط” سيعودون بنا إلى هنا في شهر يونيو المقبل، وأريد أن أعترف أن أحلاما رياضية كثيرة تخص المنتخب رافقتني في الرحلة الجوية، عدا عن أن حياتي كلها تحولت إلى كتلة أحلام أكبر لوطني ليبيا الذي أريد أن أراه “الأول” في كل مجال وفي كل مهمة.
وصلت إلى تونس، ومنها إلى سوسة حيث كان معسكر المنتخب الوطني الذي سيواجه جنوب افريقيا يوم الرابع والعشرين من مارس لانتزاع بطاقة الترشح لكأس أفريقيا في مصر ،، في فندق المرادي كانت الأجواء جيدة وتبشر بالخير رغم حرص الإطار الإداري للمنتخب المبالغ فيه لإبعاد أجواء المعسكر عن عيون الإعلام، وذلك بطلب من المستوى الفني بحسب تأكيدات سمعتها.
يوم الخميس وقبل المباراة المرتقبة بثلاثة ايام أجرى فرسان المتوسط مرانهم الأخير في سوسة وكان المنتخب مكتمل الصفوف يومها بعد وصول اللاعبين المحترفين، وسارت التمارين التي رافقتها الأمطار على أحسن وجه لتنطلق بعدها بعثة المنتخب إلى صفاقس. ففي عاصمة الجنوب صفاقس ورغم أن المباراة لايزال عليها ثلاثة أيام إلا أنه بالإمكان متابعة الملامح الليبية في الشوارع بوضوح إضافة إلى لوحات السيارات.
يوم الجمعة كان الموعد مع التمرين الأول في ملعب المباراة كانت عدسات المصورين تلتقط كل حركات الفرسان لأن التمرين كان ملاذهم الوحيد بعد أن منع دخول كاميراتهم إلى مقر إقامة المنتخب ، لكن بحكم تواجدي داخل معسكر المنتخب وحسب ما رأيته من اللاعبين والإطار الفني والإداري للمنتخب طيلة أيام الاستعداد جعلني واثقة ومتيقنة من الفوز سيكون حليفنا، واستمرت الأيام و جاء اليوم المرتقب.
الأحد ٢٤ مارس حقيقة لم أستطع النوم ليلة المباراة ليس للخوف منها بالعكس بل مشهد الجماهير الليبية الرائع في شوارع صفاقس تلك الليلة فمنهم من اختار الرصيف فراشا له ولا يهمه شيء سوى مباراة الوطن وفعلا يومها كانت صفاقس تتكلم “ليبي”، في الصباح الباكر اخترت أن أكون متواجدة في الإفطار الصباحي للفندق الذي يقطنه المنتخب فالفضول كان أقوى مني لرؤية وجوه اللاعبين يوم اللقاء، وتساءلت ما إذا كان التوتر قد نال منهم، كما فعل بي أم هم أقوى مني ولكن وجدت وجوها رائقة تتناول وجبة الإفطار بهدوء تام باستثناء اللاعب أنيس السلتو الذي يبدو أنه كان غير راض عن وضعه في دكة البدلاء، ولكن سرعان ما تجاوز ذلك بعدما جلس مع رفاقه.
قبل الانطلاق إلى الملعب جاءت الجماهير الرياضية وبعض الشخصيات العامة إلى الفندق لتشجيع اللاعبين تحت أنغام الزكرة الليبية وكانت الأجواء رائعة، ففي ملعب الطيب المهيري كان المشهد مهيبا، الجماهير الرياضية تملأ مدرجات ملعب صفاقس، وعددها تجاوز العشرة آلاف وهو العدد المسموح به، والجميع يهتف بصوت واحد ليبيا ليبيا ليبيا ويرددون أهازيج عدة أتذكر منها جيبوها يا ولاد مباراة العناد.
بدأت المباراة وأعلن الحكم صافرته وقدم منتخبنا شوطا أول جيدا لكنه انتهى سلبي النتيجة ليخذلنا فرسان المتوسط في الشوط الثاني عندما سقطوا أمام جنوب أفريقيا بهدفين لهدف نتيجة كانت كفيلة بالقضاء على حلمهم، وعلى حلمي وعلى حلم ١٧ ألف متفرج، وعلى حلم ٦ ملايين ليبي كان يتمنون تواجد بلدهم في “الكان”.
حلم كبير انقلب في ٤٥ دقيقة إلى كابوس ربما بالغت في رفع سقف طموحاتي ولكن ما تقدمه دول الجوار جعلني كليبية أحلم يوما في التتويج ببطولة أفريقيا، وأرغب وبشدة في إعادة فرحة التتويج بالكان وفِي ذات الوقت تساءلت كثيرا لماذا هذا الإخفاق، هل سببه تخبط اتحاد الكرة أم سوء إدارة من الإطار الفني أم أن اللاعبين لم يكونوا على قدر المسؤولية، أم أن -ربما- العيب فينا فنحن يجب علينا ألا ننتظر الكثير فبلادنا ليست في أفضل حالاتها.
عموما أعذرينا يا جارتنا مصر فنحن لن نتواجد في عرسك الأفريقي لأننا نعاني من بعض الجروح علينا تضميدها في بلادنا قبل السفر للاحتفال في الخارج.