أجمل أيام باشاغا
ليس في الحربِ خير .. والقتال كرهٌ ومضرّة .. قتلى… نزوح… وفوضى… لكن وسط هذا كله يبدو أن هناك رجلا يعيش أفضل أيام حياته ..رجلا اسمه فتحي باشاغا، الضابط المتقاعد، ثم تاجر الإطارات، ثم عضو مجلس مصراتة العسكري، ومؤسس كتيبة حطين خلال ثورة فبراير… ثم…. العقلُ المدبر لعملية فجر ليبيا التي احتلت العاصمة، وأنهت المسار السياسي بعد أن خسر الإسلاميون الانتخابات.
ظلّ باشاغا طوال السنوات السبع العجاف نائبا مقاطعا ورئيسا لمجموعة مسلحة، محافظا على حضوره في كل منتدى ومؤتمر ومعركة، حائزا حصته من الفوضى وغنائمها، منتظرا بطموح كبير الفرصة التي ما لبثت أن جاءته بعد حين.
عندما ساءت العلاقة بين السراج ومجموعات طرابلس التي أعلنت أنها لن تعترف به منفردا بعد اليوم، وقرر جرجرة مصراتة لمساندته، عُيّن باشاغا وزيرا للداخلية.
وهكذا عبر باشاغا جسر الميليشيات إلى الدولة، عَبْرَ مفارقة كبيرة؛ إذ تمّ تعيينه من قِبَلِ السراج أصيل مدينة طرابلس أبا عن جد.. طرابلس التي كانت مسرح الدم في عملية فجر ليبيا، ومجزرة غرغور.
في الوزارة: داوم باشاغا الحركة والدوران لأيام بثوب رجل الدولة الجاد، الذي يريد أن يصنع مؤسسة على أنقاض الخراب قبل أن يعلن أنه لا مجال لقيام شرطة ولا أمن… فالحال تعبان والمؤسساتُ منخورة… والميليشياتُ تسيطر على كل شيء…
طلب دعم الأميركان… والإنجليز… والأتراك .. وكل ما توفر من تدخلات ..وعاد ببعض التصريحات الحذرة وبعض صور المصافحات…
ثم جاءت لحظة السعد الكبرى ..إذ دقَّ الجيشُ بابَ العاصمة التي حان عليها الدَّور بعد بنغازي ودرنة والجنوب…
لم يعد باشاغا وزيرا فقط… أصبح كُلَّ شيء…
بدأت فجر ليبيا الثانية… وإن استُبدل الاسم هذه المرة بفخر ليبيا… مجموعات طرابلس وحكومتها نادت مجموعات مصراتة… العاصمة مكتظة باللكنات… وباش آغا:
وزير للداخلية وموجّه للسياسة الخارجية ومُخوَّلٌ بخطط الدفاع ومُنافح عن شرف العاصمة ضدّ المهاجمين الغزاة…
إلى أين سينتهي هذا كلّه.. سؤال ما يزال مفتوحا على كل الاحتمالات… المراوحة بين المقتل، أو محكمة الجنايات الدولية، أو ربما يضرب الحظ مجددا؛ فيحكم ليبيا ..
لكنّ الثابت هو أنَّ الرجل يعيش أزهى أيام حياته الآن.