“أتاتورك” من القتال في ليبيا إلى المجد في تركيا
في مثل هذا اليوم 19 مايو 1881 ولد مؤسس الجمهورية التركية “مصطفى كمال أتاتورك” وأول رئيس لها، ملغيا بذلك الخلافة الإسلامية “العثمانية” ومُعلنا قيام دولة تركيا العلمانية الحديثة.
قاد أتاتورك الحركة التركية الوطنية التي حدثت في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وأوقع الهزيمة في جيش اليونانيين في الحرب التركية اليونانية عام 1922، وبعد انسحاب قوات الحلفاء من الأراضي التركية جعل عاصمته مدينة أنقرة
علاقة أتاتورك مع “لـيـبـيـا”
عاش سنوات من عمره في بداية مسيرته؛ كضابط في صفوف الجيش العثماني في ولاية طرابلس الغرب، تولى خلالها منذ عام 1908 تدريب عناصر الجيش العثماني في الولاية على الخطط الحديثة في استراتيجيات الميدان وفن الاشتباك، وخطط الالتفاف وغيرها
كما كان من أوائل المبشِّرين بفكر جمعية الاتحاد والترقي في طرابلس الغرب، التي كانت وراء تغيير سياسة الدولة العثمانية حينها، وعودة الدستور العثماني والذي كان معطّلا، وإطلاق قانون الحريات، ما قاد تركيا بعد ذلك إلى تأسيس الجمهورية
وسعى أتاتورك من خلال الترويج إلى أفكار هذه الجمعية المنبثقة عن مجموعة “جون ترك”، إلى استقطاب أجناس وأعراق أخرى للانضمام لهذه الجمعية التي تسعى إلى النهوض بتركيا بعد أن أصاب الوهن السلطنة العثمانية وباتت عرضة للضياع
كما قاد أتاتورك الحامية العسكرية في بنغازي عندما كان برتبة مقدم، واهتم بتأمين المنطقة وتحقيق استقرار الأهالي فيها، خلال الحرب التي شنتها إيطاليا في غزوها ليبيا عام 1911، أصيب فيها أتاتورك في عينه
يُشار إلى أن بعض كتابات المؤرخين ذكرت وجودَ عددٍ من المقاتلين الليبيين شاركوا أتاتورك في معاركه التي دارت في البلقان، وعدّة مواقع أخرى ضمن الحرب العالمية الأولى، بعد خروج العثمانيين من ليبيا بصفقة مع الإيطاليين.
تركيا في عهده
قام مصطفى كمال بإعلان تعديلات جذرية تميزت بالانتقال التام والنهائي من القوانين والسمات التي ميزت العهد العثماني إلى منظومة قانونية واجتماعية جديدة اتسمت بفصل الشأن الديني عن الشأن العام
كما قام بإصلاحات عديدة شملت كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكانت لدى أتاتورك قناعة كاملة بأنه على المرأة أن تتحرر بشكل تام وأن تندمج في المجتمع وأن تغادر محيطها الضيق وهو البيت والعائلة. وقد بدأ أتاتورك في تطبيق أفكاره عبر توحيد التعليم وتعميمه على الجنسين.
وفاته
لم تكن الحالة الصحية لأتاتورك جيدة منذ عام 1937، وبعد مضي عام واحد اكتشف أنه يعاني من تشمع الكبد، فاستدعى الأطباء من أوروبا؛ لكن الأدوية التي قدمها له كل من الأطباء الأتراك والأجانب لم تجد له نفعاً
وتوفي أتاتورك في إسطنبول بقصر دولمة بهجة في تمام الساعة التاسعة والخمس دقائق صباح يوم الأربعاء العاشر من نوفمبر عام 1938، وشُيعت جنازته حتى أنقرة بموكب مهيب
أطلق عليهِ اسم أتاتورك (أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكرياً في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسياً بعد ذلك وحتى الآن في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة.
*الصورة:
“مصطفى كمال أتاتورك” مرتديا الزي الليبي – وهو هدية من الشيخ المجاهد أحمد الشريف السنوسي عام 1920