وهم الإصلاحات
عطية الفيتوري
تخفيض قيمة الدينار ونهش أغلب قيمته أصبح أمراً واقعاً مثل الحكومة التي خفضته بفرض ضريبة بمعدل 183% من قيمته الرسمية .
هذا الإجراء يهلل له بعض الأشخاص، إما لأنهم مستفيدين سواءاً كانو خواصاً أو رسميين، أو أنهم لا يفهمون عمق التأثيرات الناتجة عن ذلك، فالسياسات الاقتصادية أصبحت في ليبيا ثقافة عامة يفهمها ويفتي فيها كل شخص .
ما لايفهمه الناس غير المتخصصين هو أن العوامل الاقتصادية المتغيرة لا تتغير بالسرعة الكافية، وإنما تأخذ بعض الوقت (أكثر من سنة) لكي يتضح تغيرها الكامل والنهائي، ومنها مثلا: تغيير سعر الصرف، وتغيير الإنفاق العام، والتغير في الاستثمار، والضرائب ..إلخ ماهو متوقع الآن بعد أن اتخذها هذا الإجراء .
-زيادة إيرادات حكومة الوفاق وليست الحكومة المؤقتة، وبحجم يقارب 150% من إيرادات النفط وهي ايرادات إضافية .
-كذلك ارتفاع أسعار السلع التي يستوردها صندوق موازنة الأسعار إذا اعتبرت بأنها مثيلة لواردات القطاع الخاص .
-زيادة حجم السلع المهربة للخارج ولاسيما البنزين لأن سعر البنزين بالدولار سينخفض بحوالى 65% بالرغم من بقائه ثابت بالدينار ( 150 درهم/لتر) . – اسعار السلع التى كانت تورد بسعر السوق الموازية ستنخفض قليلا ، وليس كثيرا كما يظن البعض، لأن اغلب السلع مورديها محتكرين .
-سعر الدولار فى السوق السوداء سينخفض مؤقتا فى البداية . ثم قد يعاود الارتفاع .
-السوق السوداء ستبقى لأن الحكومة بنت سياسة إصلاحها الاقتصادي على أساس استمرارها عندما تعطي رب الأسرة 1000 دولار سنويا لكل فرد من أفراد الأسرة بالسعر الرسمي. لكي يبيعها في السوق السوداء بالسعر السائد فيها، وربما تعود بشكل أقوى إذا لم يستطع المصرف المركزي مقابلة الطلب على الدولار، أو كان هناك تعطيل أو تقييد في إجراءات الصرف .
لاشئ يفرح من هذا الإجراء سوى أن هذا الرسم الذي فُرض قد يخفض خلال الأشهر القادمة وهو أفضل بكثير من قيام المصرف المركزي بتخفيض السعر الرسمي للدينار.
غير أن هذا الفرح له ما يبدده وهو أن الحكومة سوف لن تستغني عن هذا المورد المهم، وقد يقوم المصرف المركزى بتخفيض قيمة الدينار بشكل رسمي، مثل مافعل عام 2003 بضغط من صندوق النقد الدولي .
من سيدفع تكلفة توازن الميزانية العامة، ومن سيدفع تكلفة الإنفاق العام غير المرشد الذي سيتوسع الآن بعد توفر الأموال للحكومة ؟!!! إنه المواطن سيتحمل كل ذلك في شكل انخفاض في مستوى معيشته وزيادة معاناته .
يقولون بأن خفض قيمة الدينار ستؤدي إلى توفر السيولة !! التجار الذين سيطلبون فتح اعتمادات لديهم حسابات في المصارف وسيدفعون منها وليس كاش، وإذا طلبت منهم المصارف الدفع كاش فإنهم سوف لن يودعوا أي إيرادات يتحصلون عليها .
مناقشة هل المصرف المركزي يستطيع تلبية كل الطلب على الدولار الذى سيتكون من 7 مليار دولار علاوة أرباب الأسر في 2019 ، كل مواطن له الحق في تحويل 10000 دولار الطلب سيتراوح في تقديرى مابين 7 إلى 14 مليار دولار صافي تحويلات الخدمات في ميزان المدفوعات لا تقل عن 6 مليار دولار. الواردات السلعية لاتقل عن 10 مليار دولار .
كيف سيتم تدبير هذه المبالغ ؟؟!!
ألم يكن من الأفضل عدم فرض الرسم والإبقاء على الرسوم الجمركية واتباع الكفاءة في زيادة الإيرادات حسب التشريعات النافذة وترشيد الإنفاق العام وتحفيز الاستثمار الخاص والعام ورفع الكفاءة، وعدم إيهام الناس بأن هذه الإجراءات في صالحهم بالرغم من أنهم هم من سيدفعون الثمن خاصة وأن هناك ارتفاع في أسعار النفط حيث وصل سعر برميل النفط اليوم إلى 79.9 دولار .
كما سبق أن قلت بأن النتيجة النهائية لهذه الإجراءات سوف لن تظهر خلال أسبوع أو شهر ولكن قد تأخد عام كامل أو أكثر نتيجة لبطء تعديل المتغيرات الاقتصادية والإجراءات الحكومية .