وأخيرا .. نهايـة حروب الأشقاء
د. محمد محمد المفتي
• الأربعاء 20 مايو 2020 أعلن الجيش الوطني الليبي انسحابه من محيط طرابلس.
• يوم 22 يونيو 2020، في اجتماع عقد في زوارة، حضره باشاغا والسراج مع قائد «أفريكوم» الجنرال تاونسند، والسفير نـورلانـد تم الاتفاق على تفكيك الميليشيات “التي تفسـد العملية السياسية “.
• الجمعة 18 سبتمبر، استئناف ضخ النفط .
هذه الترتيبات المتأنية تمثل تحولات جوهرية في المشهد الليبي، تمت عبر مسار مستقل عن الحوارات الدائــرة، ولا بـد أنها اتخذت على أعلى مستويات صنع الـقـرار لما تسـتـدعيه من ضمانات وتعهدات موثوقة.
البـعـد التركي
ومع مطلع شهر يوليو بدأت تركيا بنقل مقاتلين أو مرتزقة سوريـين إلى ليبيا. فهل كانت هذه الخطوة مبادرة مستقلة؟ على أية حال لم يتقبلها معظم الليبيون ربما بمن فيهم أنصارها. كما تعترض أوروبا على استعراض تركيا لعضلاتها في شرق المتوسط. لكن ما لفت نظري في الأسابيع الأولى هو اللغة المستهجنة التي أشيعت بها اتفاقية آردوغان – السراج، عبارات مثل “لدينا مليون تركي في إقليم طرابلس” وتصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي حول استعادة الإرث العثماني في المتوسط. اللافت أيضا قدرة أردوغان ووزرائه على التراجع السريع، كتخفيف لهجتهم بالحديث عن خبراء وتدريب، ربما لطمأنـة الاتحــاد الأوروبي. ونرى المسؤولين الأتراك فعلا يشاركون وبكل الابتسامات في القمم الغربية، رغم سلسلة العقوبات الاقتصادية ضد تركيا.
إذن ما الذي سـيحدث حقا، وماذا سيكون تأثير التدخل التركي على المحيط الليبي؟
لا شك أن الموقف له أكثر من وجـه. ولا يستقيم هذا النهج مع تاريخ أردوغان السياسي، فالرجل سياسي محنك، ويتبوأ مكانته في الساحة السياسية التركية منذ 1994 أي منذ قرابة ربع قرن. وواضح أنه قادر على الجمع بين النقائض. فـتركيا أردوغان ترفع شعارات عثمانية إسلامية، وهي عضو في حلف الأطلسي، وعلى علاقة طبيعية وودية بإسرائيل. فهل ستجمد الاتفاقــيات مع ليبيا؟
لكن تركيا تتـحـرك عـلنا وبسرعة لإعادة تأهيل قاعدة الوطية التي لا تبعد عن الحدود التونسية أكثر من 27 كيلومتر. وهناك مخاوف من سعيها إلى تـفـكيك النظامين التونسي والجزائري في موجة ربيع أخـرى. وعلى أية حال، ليس إسقاط الأنظمة غريبا عن استراتيجيات الولايات المتحدة وأوروبا كما هـو جليّ في مراسلات الوزيرة هيلاري كلنتون.
فلنـتـنـفـس الصـعــداء
على المستوى الليبي يبدو أن معالجة موضوع السلاح العشوائي قـد بــدأت وكذلك اجـتثــاث الفســاد وإنـعـاش الاقتصاد.
فشكرا لأعيان برقة الذين عبروا جسور الشك إلى مصراتة لتأمين تبادل الأسرى.
وشكرا للخطوط الأفريقية التي اخترقت أجـواء الريبة برحلتها من معيتيقة إلى بنينا.
ومهما كان صدق التخمينات والتوقعات، فإن روح الاستبشار والفرح بانهيار أسوار القطيعة تؤكــد أن ليبيا غير قابلة للتقسيم ، كما هي قناعتي منذ عـقــود.
فهنيئا لكل الليبيين والليبيات بانقشاع غمة الحرب.