واشنطن وبكين… كش ملك
سارة دراوشة
يحمل العنوان توصيفا منطقيا للوحة المتاهات التي خُطّت بريشتَي أقوى اقتصادَين بالعالم؛ الولايات المتحدة والصين…. فلو تطرقنا إلى تسلسل الأحداث التي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين؛ نجد أنه أشعل فتيل حرب “اقتصادية” لا تخمد نارها، تتسلل بخبث ملتهمة كل ما في طريقها بكل أنانية، إذ قام بفرض رسوم جمركية كبيرة على سلع صينية مستندا إلى قناعته الشخصية بحكمة قراراته وبأنه السيد المطاع الذي لا يقبل الرفض في قاموسه أبداً، فيما وقفت الصين موقف الرجل الشجاع الذي لا يرضخ لترد هي الأخرى بالمقابل بفرض الرسوم على سلع أمريكية.
شهور طويلة مرت على إعلان هذه الحرب أنهك بسببها الاقتصاد العالمي، وتأثرت أسواق النفط وحدثَت العديد من الأضرار الاقتصادية الواضحة مسبباتها والمخفية، ظهرت على ضوء الحرب التجارية بين القوتين، فبين تارة وأخرى ترمي إحداهن سهما بصدر سوق الأخرى على أمل أن تستسلم الأضعف بينهما، فلا يبقى أي وجود للمنافسة بين واحدة وأخرى.
ولو رجعنا بالذاكرة الى عشر سنين لوجدنا أن الرعب الحقيقي يكمن في أن هذه الحرب الدولية أخطر من أزمة المال العالمية 2008 الفادحة والتي شهد فيها العالم أكبر اضطرابات مالية واقتصادية منذ أزمة الكساد, التي من المتوقع أن تكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار بحسب تقدير الوكالات العالمية, وهذا أكثر ما يدعو للقلق… كيف لأزمة دولية أن يفوق حجمها أضعاف أزمة 2008 العالمية!!
ووفقا للمحللين فإن ما يحدث بين واشنطن وبكين يرجع بالأساس إلى نظرة حقد الإدارات الأمريكية وشعورها بالخطر من قبل الاقتصاد الصيني، إلا أن ذلك لم يكن في وارد دخول الحرب التي لا تهدأ من روعها كتلك التي يخوضها ترامب والمخاوف من التبعات الخطيرة لهذا الطريق، وأكبر دليل على أن الرئيس الأمريكي لم يبدأ هذا الخيار بنية سليمة بل مدفوعا بقناعة راسخة حتى قبل دخوله إلى البيت الأبيض حيث تم رصد تغريدة له تعود إلى 21 سبتمبر من عام 2011 قال فيها إن “الصين ليست حليفاً أو صديقاً؛ إنهم يريدون ضربنا وامتلاك بلدنا” بطبيعة الحال ثمة من يبذل جهده بصب الزيت على النار فالطرفان لا يتنازلان وليس هناك تفاؤل حتى هذه اللحظة بالوصول إلى اتفاق نهائي، والخاسر الأكبر هو الاقتصاد العالمي الذي ضعف كثيرا بحسب التقارير العالمية المتعددة.