هل يُنهي التوافق الليبي التدخل التركي؟
خاص| 218
في حلقة جديدة من برنامج “USL”، تحدث الخبير في شؤون السياسة الأميركية في ليبيا، جوناثان روهي، بإسهاب عن آخر المستجدات الليبية المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار والمضي قدما في الحوار السياسي، إضافة إلى مستقبل التدخل التركي في ليبيا.
التوافق الليبي
وقال روهي، إن الحل السياسي في ليبيا يعني فقدان تركيا لنفوذها في ليبيا، ومن الصعب كثيرا تكوين حكومة وحدةٍ وطنية لمرحلة ما بعد الصراع تهمّش تماما عناصر الإخوان المسلمين، مضيفا أن الاجتماعات قد تؤدي للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا.
ورأى روهي، أن تركيا تحتاج من الحكومة المقبلة في ليبيا إلى الاعتراف بالاتفاقية البحرية الموقعة مع الوفاق، إضافة إلى القلق من تفكك عملية السلام بسبب تعدد المسارات.
معضلة أردوغان
وأكد روهي أنه كلما كان أداءُ الاقتصاد التركي سيّئا، كان لدى الرئيس رجب طيب أردوغان حافزٌ أو سبب حقيقي لمحاولة القيام بتشتيت الانتباه في الخارج، وقال إن “هناك أيضا جانب سياسيٌّ وأيديولوجي لتدخلات أردوغان في الصراعات الخارجية، وجانب كبير من تدخل تركيا في ليبيا الآن يتعلق باستغلال الطاقة”.
ولفت إلى أن أسهم أردوغان في الكونغرس الأميركي في أدنى مستوياتها، وهو يسعى لتشتيت الانتباه في المنطقة لتجنب المشاكل الاقتصادية الحقيقية في الداخل التركي، موضحا أن واشنطن عانت طويلا من استفزازات أردوغان، مثل إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في محاولة الانقلاب في تركيا.
التدخل التركي
وقال جوناثان روهي إن التدخل العسكري التركي في ليبيا لن يقود إلى أي شيء إيجابي، مضيفا أن تركيا تريد السيطرة على موارد الغاز تحت البحر قبالة سواحل ليبيا، ودعمها العسكري لحكومة الوفاق الوطني يدفعها إلى تبني الحلول العسكرية لما هو في الأساس صراعٌ سياسي في ليبيا، موضحا أن تركيا وجدت حكومة الوفاق في أسوأ حال فمدّت لها شريان الحياة وأملت عليها شروطها، مشددا على أن المساعدة التركية لصد الجيش الوطني في طرابلس جاءت بتكلفةٍ باهظة.
وأشار روهي إلى أن تركيا تعمل في اتجاهات متقاطعة وتقوض الجهود الجارية للوصول إلى وقفٍ مستدام لإطلاق النار، وقبل تدخل تركيا أواخر العام الماضي كان الصراع في ليبيا في مستوىً أقل بكثير من العنف، لكن ما يزال هناك خطر العودة إلى الأعمال العدائية التي ستكون أكثر عنفا بكثير مما شهدناه في الماضي.
تركيا وشرق المتوسط
وبيّن جوناثان روهي أن ادعاءات تركيا في شرق البحر المتوسط ليس لها أساسٌ في القانون الدولي أو اتفاقية الأمم المتحدة، وقانون البحار، كما أن التصعيد التركي في بحر “إيجه” يمثّل العديد من المخاطر المهمة.
وقال روهي إنه ولأول مرة نرى خطرا حقيقيا لاحتمال حدوث اشتباك بين حلفاء الناتو في البحر المتوسط بسبب استفزازات تركيا في بحر إيجة، وأفعالها في ليبيا، مضيفا أن أردوغان يستغل انشغال العالم بكورونا لتحقيق المكاسب، وأن تركيا بقيادة أردوغان تستغل الاضطرابات الإقليمية للتأكيد على مزاعمها وارتكاب المزيد من العدوان في المنطقة.
تركيا والإخوان
وشدد جوناثان روهي، أن تركيا تدعم جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، ما يمثّل تعارضا مع المصالح الأميركية، وأن أردوغان يدعمُ جماعة الإخوان المسلمين والمجموعات الأخرى التي تتناقض مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
الدور الأميركي
ورأى خبير في شؤون السياسة الأميركية في ليبيا، جوناثان روهي، أن الولايات المتحدة بشكل عام لا تنفذُ استراتيجية جيدة في إدارتي أوباما وترامب، وأن التحرك الأميركي على مستوى السفير فقط، لا يكفي لحل أزمة ليبيا بسبب تدخلات أطراف أجنبية فاعلة تحتاج إلى الضغط عليها من الإدارة.
وأكد أنه وبعد أن تدخلت تركيا أصبحت القضية الآن أكبر من ذلك بكثير وتحولت إلى مشكلة إقليمية، وفي المدة الأخيرة كان الدبلوماسيون الأميركيون يدعمون المفاوضات من أجل وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا قبل إجراء الانتخابات الوطنية، مؤكدا أن الأميركيين لم يفعلوا الكثير في مؤتمر برلين وتركوا الأمر في أيدي المزيد من الجهات الفاعلة الإقليمية لمحاولة حل المشاكل.
وبحسب، جوناثان روهي، فإنه إذا تم انتخاب ترامب سيكون هناك نوع من التركيز المستمر على المنافسة بين القوى العظمى، وإذا فاز بايدن، سنرى الولايات المتحدة تتبنى موقفا مختلفا تجاه تركيا وعلى وجه التحديد تجاه الرئيس أردوغان.
وقال إنه “بغضّ النظر عمّن سيكون الرئيس القادم سنرى المزيد من التركيز على ليبيا، وعلى المنطقة، ومن المحتمل أن يكون هناك دورٌ لعسكريين أميركيين للمساعدة في تنفيذ تعزيز وقف دائم لإطلاق النار”، مضيفا أن دور الولايات المتحدة في السعي لحل في ليبيا ينبغي أن يكون في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي.
الخطر التركي والروسي
وأكد روهي أنه كلما عزّز الروس والأتراك وجودهم في ليبيا، سيكون من الصعب إيجاد طريقة لإخراجهم، وقال إن “ليبيا في الاستراتيجية الأميركية تُعتبر مثالا لما نسميه بالحروب التي لا نهاية لها ولا تقدم أي فوائد حقيقية للولايات المتحدة في حال تدخّلت فيها”.
وكشف عن عدم رضىً واسع في الكونغرس من كلا الحزبين على شراء تركيا لمنظومة صواريخ روسية، مبينا أن الوجود الروسي المحتمل في ليبيا يشكل تهديدا لحلف شمال الأطلسي وتهديدا للاستقرار السلمي المستقبلي لبلدان المنطقة وخاصة بعد أنا حزمنا أمورنا في العام الماضي وتركنا الكثير من سوريا فجأة، فكان أن ملأ الروس ذلك الفراغ، وقال: “لا يجب أن نرى الولايات المتحدة تفعله هو أن تبدو وكأنها تسمح لروسيا أن تفعل ما تشاء في ليبيا”.
السياسة الأميركية في ليبيا
ورأى روهي، أن سياسة الإدارة الأميركية يجب أن تعارض التدخل العسكري الأجنبي لصالح أيٍّ من الجانبين في ليبيا، مؤكدا ضرورة عدم السماح للأتراك أو الروس بتأسيس مواقع لهم على شواطئ ليبيا، وإغراق البلد بالأسلحة التي تؤدي فقط إلى تفاقم الصراع الأهلي.
وأكد أن هناك أسبابا حقيقية تدفع الولايات المتحدة إلى الضغط العكسي على روسيا في ليبيا، وكذلك من الجيد أن نرى الولايات المتحدة تفرض عقوبات على المسؤولين الروس المتورطين مع المرتزقة الروس على الأرض في ليبيا، لافتا إلى وجود رؤية في دوائر الكونغرس بعدم السماح لتركيا وروسيا باقتسام ليبيا، لكن في نفس الوقت استبعد تدخلا عسكريا أميركيا وإرسال جنود على الأرض في ليبيا.