“هذه بلادك يا بنتي” .. واسمها ليبيا
218TV.net خاص
قد تتباعد الصور وتختفي من الذاكرة حين تتزاحمها الأحداث والأخبار العاجلة من شاشات التلفاز، ولكن في مقابل هذا لا يُمكن لوجوه نديّة، احتلت قلوبا وأحدثت انقلابا غيّر معادلة الحكم وأبجديته، أن تختفي من الذاكرة، لأن الضريبة التي دُفعت لأجل أن تكون، كانت باهظة. ولأجل هذا فقط تسللت الصورة إلى عوالم كان البعض يعتقد أنها هاجرت وغابت للأبد.
هي صورة الطفلة التي نشرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي عبّرت عن فرحتها بعد تحرير مدينتها بنغازي من الحرب والتهجير وانتشار رائحة الموت في كل بقعة فيها.
وهي أيضا ذاكرة الإنسان التي تشبه ارشيفا ضخما يخزن آلاف الصور والمشاهد والوجوه والمواقف وكل شيء دفعة واحدة، أحيانا، وتُتقن بعضها اختيار أماكانها، التي لا تخرج للملأ إلا في أوقات بعينها، والتي غالبا ما يكون خروجها ” مشهدا” لا يُكرر نفسه، ولا يفرض سطوته، كعادة بعض من يعتقدون أنهم “ سيكونون”.
ولنقترب من صورة الطفلة أكثر ، يجب أن نكون مدججين بأسلحة قوية، قادرة على تأملها، والتمعن فيها وفي التفاصيل التي رافقتها، لحظة التقطاها. وهي بالمناسبة لا يمكن أن تكون بروازا خلف مكتب فاخر، ولا صورة يحملها المؤيدون لطرف ما، لأنها تفوّقت دون أن تدري على “جغرافيا” في ليبيا، وعن خطاب “الانقسام الخجول“.
وبالرجوع إلى عالم “خُرّافة” الاتفاق السياسي والبرلمان وفايز السراج وليس بآخرهم عبدالباسط قطيط، علينا أن نبتعد عن ” الصورة” التي تحدثنا عنها، ولنقترب بعدها من صور من ذكرناهم في ” حوار الفنادق” ونسينا بعضهم، دون قصد. والتي يأتي في مقدمتها دون منازع حتى الآن تقريبا “فايز السراج ومن ذكرناهم” في ترتيب واحد، وتليها صورة أخرى لا تنتمي لأصحاب ” الخطابات المتأخرة” ولا حتى لمن فشِل في أن يكون جزءا من بعض الصور العابرة أمام الليبيين.. وهي صورة أبِ يتأمل ابنه وهو نائم في ” مربوعة الحوش” ويتمتم قائلا: ” مش وقتكم.. نعرف هالشي، ونعرف يا ولدي إنها تفيق قبلنا كلنا، باش تشوفك وتشوف اندادك.. رد بالك تفيق وتكرهها هذه بلادك، هذه ليبيا يا ولدي“.
وهذا ” المشهد” أقلّ شيءٍ يُمكننا أن نختم بهِ ونهديه لمن ضحِك على الليبيين وما يزال يضحك باسم ليبيا وباسم من تركهم خلفه في معارك ” مقدّسة”، وقد نكون أقلّ رأفة عليه من الطفلة التي كشفت عن قُبحهم في ابتسامة واحدة.