هدنة مؤجلة في الغوطة والقصف مستمر
(رويترز) – أرجأ مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة تصويتا على مشروع قرار لهدنة 30 يوما في سوريا حيث تقصف طائرات موالية للحكومة آخر معقل للمعارضة المسلحة قرب دمشق في واحدة من أكثر حملات القصف فتكا في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات.
وقال سفير الكويت لدى الأمم المتحدة منصور عياد العتيبي إن مشروع القرار الذي يهدف إلى إنهاء المذبحة في الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق في سوريا سيطرح للتصويت في المجلس المؤلف من 15 عضوا في الساعة 1700 بتوقيت جرينتش اليوم السبت.
جاء تأجيل التصويت 24 ساعة بعد خلافات في مفاوضات اللحظة الأخيرة على النص الذي اقترحته الكويت والسويد بعد أن اقترحت روسيا، التي تملك حق النقض (الفيتو) وحليفة الرئيس السوري بشار الأسد، تعديلات جديدة يوم الجمعة.
وقالت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في تغريدة على تويتر “من غير المعقول أن تعطل روسيا تصويتا على هدنة تسمح بوصول (المساعدات) الإنسانية في سوريا”.
وتركز المحادثات على صيغة فقرة واحدة تطالب بوقف الأعمال القتالية لمدة 30 يوما للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وإجراء عمليات الإجلاء الطبي. وتم تخفيف اقتراح بأن يبدأ وقف إطلاق النار بعد 72 ساعة من اعتماد القرار بحيث يتضمن النص إشارة ببدئه “دون إبطاء” في محاولة لكسب تأييد روسيا.
وقال دبلوماسيون، طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن موسكو لا تريد تحديد موعد بدء وقف إطلاق النار. ولم يتضح كيف ستصوت روسيا اليوم السبت. ويحتاج اعتماد أي قرار في مجلس الأمن موافقة تسعة أصوات وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا للفيتو.
وقال سفير السويد لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج للصحفيين “لم نتمكن من سد الهوة تماما… لن نفقد الأمل… آمل أن نقر شيئا قويا ومعبرا ومؤثرا في الغد”.
ولم يكن لاتفاقات وقف إطلاق النار السابقة تأثير يذكر في إنهاء المعارك على الأرض في سوريا حيث حققت قوات الحكومة السورية تفوقا.
وتخضع بلدات ومزارع الغوطة الشرقية لحصار القوات الحكومية منذ 2013 وتعاني نقصا في الغذاء والمياه والكهرباء تفاقم العام الماضي. وقال شهود إن موجة جديدة من القصف استهدفت اليوم الجمعة الجيب كثيف السكان لليوم السادس على التوالي.
وتعد أعداد قتلى المدنيين وحجم الدمار هناك من بين الأسوأ في سوريا منذ استعادة الحكومة المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة من مدينة حلب في معارك شرسة خلال 2016.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن التصعيد الأخير أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 462 شخصا بينهم 99 طفلا على الأقل فضلا عن إصابة المئات.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن شخصا قتل وأصيب 58 آخرون عندما قصف مسلحو المعارضة مواقع في دمشق بينها مستشفى.
وكثيرا ما تستخدم الحكومة السورية أسلوب الهجمات العسكرية وعمليات الحصار الطويلة لحمل مقاتلي المعارضة على تسليم معاقلهم.
وتعهد مقاتلو المعارضة في الغوطة الشرقية بعدم قبول هذا المصير مستبعدين إجلاء المقاتلين وأسرهم أو المدنيين على غرار ما حدث في حلب وحمص بعد قصف عنيف في سنوات سابقة.
وكتبت فصائل المعارضة في الغوطة رسالة لمجلس الأمن الدولي يوم الجمعة قالت فيها “نرفض رفضا قاطعا أي مبادرة تتضمن إخراج السكان من بيوتهم ونقلهم لأي مكان آخر”.
ويعيش قرابة 400 ألف شخص في الغوطة الشرقية ينتشرون على مساحة أكبر من الجيوب الأخرى التي استعادتها الحكومة. ويوم الخميس ألقت طائرات حكومية منشورات تحث المدنيين على الرحيل وتسليم أنفسهم للجيش السوري وحددت الممرات التي يمكنهم من خلالها العبور بسلام.
* ضغوط على روسيا
قبل التصويت في مجلس الأمن الدولي، تتجه كل الأنظار صوب روسيا وسط مخاوف من أنها ستعرقل القرار أو ستسعى لتخفيفه. وطالما وقفت موسكو في طريق إجراءات مجلس الأمن التي من شأنها الإضرار بمصالح الأسد.
وكانت ألمانيا وفرنسا ضمن الدول التي كثفت الضغوط على روسيا إذ طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتأييد القرار.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو تريد ضمانات بألا يقصف مقاتلو المعارضة المناطق السكنية في دمشق.
وتقول دمشق وموسكو إنهما لا تستهدفان سوى المتشددين وإنهما تريدان منع مقاتلي المعارضة من قصف العاصمة بقذائف المورتر. واتهمتا مقاتلي المعارضة باحتجاز السكان دروعا بشرية في الغوطة.
وذكر المرصد ومقره بريطانيا أن طائرات الحكومة ومدفعيتها استهدفت دوما وزملكا وبلدات أخرى في الجيب في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة.
ولم يرد تعقيب من الجيش السوري حتى الآن.
وتقول منظمات خيرية طبية إن الطائرات قصفت أكثر من عشرة مستشفيات الأمر الذي يجعل مهمة علاج المصابين شبه مستحيلة.
وأفاد شاهد، طلب عدم نشر اسمه، عبر الهاتف من دوما أن القصف الذي حدث في الصباح الباكر هو الأشد حتى الآن. وقال ساكن آخر يدعى بلال أبو صلاح في مدينة حمورية إن القصف استمر “مثل الأيام الأخرى”.
وأضاف “عندما يتوقف القصف لبضع دقائق تخرج سيارات الدفاع المدني إلى الأماكن التي استُهدفت. ويعملون على رفع الركام من الطرق”.
وقال الدفاع المدني في الغوطة الشرقية إن عماله هرعوا لمساعدة المصابين بعد الضربات على حمورية صباح الجمعة. وتقول خدمة الطوارئ التي تعمل في أراض تحت سيطرة المعارضة إنها انتشلت المئات من تحت الأنقاض في الأيام القليلة الماضية.
وقال حمزة بيرقدار المتحدث باسم هيئة أركان جيش الإسلام إن الجماعة أحبطت تسعة هجمات شنها مقاتلون موالون للحكومة في محاولة لاقتحام جبهة جنوب شرقي الغوطة.