نيمار مسلسل مكسيكي دون نهاية
سونيا عاتي
لا ننكر أن نيمار دا سيلفا واحد من أهم وأمهر اللاعبين في العالم في مركزه، ولا نجحد عليه أيضا شهرته قبل حتى أن يشد الرحال ويأتي من موطنه البرازيل إلى مقاطعة كاتالونيا وينضم للكبير برشلونة الإسباني.
لكن هل تستحق مسيرته كل هذا الجدل وهذه الاستماتة من قبل ناديه السابق البلوغرانا “وسنتحدث لاحقا في سياق المقال عن الظروف التي دعته لمغادرة إسبانيا وذهبت به إلى فرنسا” لكن دعونا قبل ذلك نستكمل ذكر ريال مدريد الذي يريد خطف المهاجم، ولا ننسى طبعا باريس سان جيرمان “مالكه” الحالي والذي لا يأمل التفريط فيه لولا رغبة نيمار نفسه في ذلك.
إذا جدل وتصريحات وتقييمات وإشاعات وانتظار تلف هذه القضية: إلى أين سيذهب نيمار بعد أن أصبح بقاؤه مع البي آس جي عبئاً عليه لا يستطيع تحمله؟!.
لنتفق أولا على أن انتقالات البرازيلي تأتي بمشاكلها وصخبها دائما، ومنذ أول احتراف له سنة 2013 قادما من سانتوس نادي طفولته إلى برشلونة، حتما الكل يتذكر الضجة التي أحدثها العقد بسبب إخفاء القيمة الحقيقية له والتي خرجت للعلن بعد سنوات.
كما أن سيرة نيمار دائما ما تكون مرفقة بالإشاعات والغمز واللمز من سلوكه وتصرفاته سواء مع زملائه في الفريق أو خارج المستطيل الأخضر لذلك فإن هذه الموهبة شخصية جدلية بامتياز.
لنعود لسؤالنا الذي انطلقنا منه هل يستحق اللاتيني كل هذا الهرج والمرج؟ لا شيء يجيبنا على ذلك أفضل من الأرقام .
الفتى البالغ من العمر 27 عاما قبل هذا اليوم بسنوات عدة، تحديدا في سن 17، عندما كان في فريقه الأم سانتوس حيث اشتهر بمراوغاته وإتقانه الاحتفاظ بالكرة التي بدت وكأنها جزءاً منه في بعض الأحيان واللعب باليسرى كما باليمنى، خاض معهم 103 مباراة سجل خلالها 54 هدفا وقادهم للانقضاض على كأس البرازيل 3 مرات والتربع على عرش أميركا الجنوبية في ليلة القبض على كأس الليبرتادوريس .. وغيرها من الإنجازات الجماعية والفردية.
ثم ذاع صيته ووصل إلى مسامع الكتلان الذين خططوا وجهزوا وصارعوا حيتان المستديرة في أوروبا مثل الغريم التقليدي ريال مدريد وتشيلسي والبايرن وغيرهم ودفعوا مبلغا مقابل هذه الصفقة أخفوه عن الإعلام، لكن الصحافة ترجح أن يكون ما بين 86 مليون يورو و95 مليون يورو ..
نيمار جونيور مع فريق الأسطورة ميسي دخل المنظومة منذ البداية وأصبح التكامل بينه وبين البرغوث وسواريز لافتا فكان الـ”MSN” وحفر مسيرة مشرقة لم تخل من الإشاعات والمشاكسات لكن من جهة الأهداف فقد استطاع تسجيل 68 هدفا في 123 مباراة وحصد معه كل الألقاب الممكنة السوبر الإسباني مرتين والليغا مرتين والكوبا دي الري مرة واحدة والسوبر الأوروبي مرة واحدة وكأس العالم للأندية مرة واحدة أيضا.
لكن كل هذا لم يمنع تعكر الأجواء قبل فترة من خروجه، وفجر والده الذي يشغل منصب وكيل أعماله مفاجأة صدمت أحباء الكتلان مفادها انفصال ابنه عن برشلونة وبالفعل انتقل إلى حديقة الأمراء مقابل 222 مليون يورو، في أكبر صفقة عرفتها كرة القدم عبر تاريخها وبراتب سنوي يزيد على 36 مليون يورو.
أرقام فلكية طارت بابن السامبا إلى فرنسا واستقبل استقبالا تاريخيا وكانت بداية مشرقة فتحصل معهم على الدوري الفرنسي مرتين ثم كأس الرابطة الفرنسية في مناسبة وكأس فرنسا مرة واحدة وأخيرا كأس الأبطال الفرنسي مرة يتيمة أيضا لكنه لم يعانق اللقب المنشود والذي يجري وراءه البي آس جي دون كلل أو ملل “دوري أبطال أوروبا”.
مدلل كرة القدم لم يمض على وجوده سوى بضعة أشهر في فرنسا حتى بدأ تذمره من الوضع ومن طريقة اللعب وأبدى ندما شديدا على انتقاله من البارسا وبعث إلى الكامب نو مئات الرسائل وغازل الكل بتصريحاته ابتداء من ميسي “وحتى ناطور الملعب على ما أعتقد” لكن فريق العاصمة الباريسي لم يكن على استعداد لتركه.
الفترة الأخيرة عادت الاتفاقيات والاجتماعات التي تعقد بالساعات سواء في الكامب نو أو في البيرنابيو وتنتهي بحلول عقيمة تعود بالقضية لنقطة الصفر.
برشلونة ينشد عودة الابن الضال الذي أشهر عقوقه لبعض من الوقت وهاهو يريد العودة من جديد مستعد لتقبيل رأس كل كتالوني إن لزم الأمر لكن ما يعيق ذلك راتبه الفلكي والشرط الجزائي الذي وضعته إدارة باريس سان جيرمان .
ريال مدريد أيضا لم يبق مكتوف الأيدي ودخل في مفاوضات مع الفرنسيين لكن كل هذا لم يجد نفعا وإلى الآن لا نعرف أين المقر والمستقر لوجهة البرازيلي الذي حير خصومه قبل محبيه.
إذا؛ هل يستحق نيمار كل هذا المسلسل الذي يبدو دون نهاية؟! أعتقد أن أداءه وأرقامه تؤكد ذلك هذا ولم نذكر لكم الجوائز الفردية وعدد المرات التي توّج فيها بلقب الهداف ,, هذا طبعا طرحُنا للموضوع ويبقى لكم الحكم والتقييم النهائي فكرة القدم في بعض الأحيان تخضع للعواطف وليس لبراغماتية الأرقام.