نعمةُ المطر .. نقمةٌ على ليبيا
كأنه لا يكفي الليبيين مآسي الحرب.. حتى تتحول الأمطار من نعم إلى نقم. فليست المرة الأولى التي تغرق فيها ليبيا بالأمطار جراء انعدام الخدمات، وضعف البنية التحتية جراء عدم الصيانة، مضافا إليها الحرب التي لا تزال تشتد وتلتهم نارها الجميع.
الليبيون تعودوا إحصاء قتلى الحرب والإرهاب، والآن صار على أجندتهم مهمة جديدة ألا وهي حصر الغرقى والقتلى والأبنية التي انهارت بفعل قوة السيول التي اجتاحت البلاد.
إذاً، صار مسلسل الأزمات يتطاول عدداً ليكون على الشكل التالي: حرب، انقطاع الكهربائي، انهيار سعر الدينار، نقص المواد الغذائية والأولية، وشح في مياه الشرب.. ليُختتم بشتاء حامل لهم عكس ما توقعونه من خير ونعمة.
فجاةً صارت مدن ليبيا بحيرات تعوم فيها قوارب خشبية، فيما لجأ إليها الأطفال للسباحة عوضاً عن بحرٍ لطالما تغنى الليبيون بمداه الذي لا ينتهي.
أما الخسائر فلم توفر منزلاً أرضياً أو متجراً أو معملاً، إلا وطالته نقمة غياب البنى التحتية ومن قبلها غيابُ حكومةٍ يفترض أن تكون سلامة المواطن ورغدُ عيشهِ من أولوياتِها.
ومع غياب الأجهزة المعنية، تحول المواطن إلى عامل في هيئات الصرف الصحي، ليفتح الأقنية..
هذه إمرأة تركت عائلتها لتقوم مقام الأجهزة المعنية.. وذاك رجل يفتح فجوة في جدار ليدرأ عن أهله خطر الغرق.
وكما عادة الليبين في صناعة الأمل، فقد سارع البعض لتحويل المأساة إلى فسحة أمل يُروِحُ فيها عن نفسه، فلجأ لممارسة رياضة ركوب القوارب. أما من أنعم الله عليه باقتناء سيارة فليس له إلا التحسر على غرقها.