ترجمة خاصة 218
نشر تقريران إخباريان أعدّهما كلّ من موقع “ذي مونيتور” الإعلامي الأميركي، ووكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية، معلوماتٍ وتحليلات بشأن اتهامات بريطانيا لروسيا بإقامة قواعد عسكرية في ليبيا، والتخطيط للسيطرة على مسارات الهجرة غير الشرعية.
تأكيدات بتواجد عسكري روسي في ليبيا
التقرير الأميركي نقل عن “ذي صن” البريطانية تأكيداتها أنّ القوات الموجودة في هذه القواعد؛ أتت لتوفير الدعم لعسكري لقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر الذي حثَّ موسكو ، في أوقات عديدة، على المساعدة بالجنود والتجهيزات. كما أشار في الوقت ذاته إلى قيام روسيا بنشر العشرات من جنود القوات الخاصة، أو ما يعرف بـ”سبيتسناز”، فضلا عن ضباط من الإدارة العامة لهيئة الأركان العامّة التي عُرفت سابقا بـ “جي آر يو”، وعناصر من المخابرات العسكرية الروسية، وضباط من “كي جي بي”، بينما لم يصدر أيّ تعليقٍ روسيّ رسميّ على الاتهامات البريطانية.
وأضاف التقرير أنَّ بعض هذه القوات موجودة بالفعل في ليبيا للتدريب، وتنفيذ مهام الارتباط العسكري، إلا أنها تلقَّت تعزيزاتٍ خلال الأيام القليلة الماضية، وأن روسيا قامت بإنشاء قواعد عسكرية في الساحل الليبي في مدينتي طبرق وبنغازي، ونشرت فيها مرتزقة من مجموعة “فاغنر” الروسية، المعروفة بمشاركتها في العديد من الصراعات في مناطق عدة حول العام.
ووفقا للتقرير يرى خبراء عسكريون أنَّ مجموعة “فاغنر” لديها وجود أكبر في ليبيا، في وقت نقلت فيه عن “ذي صن” البريطانية قيامَ موسكو بنشر قذائف “كاليبر” الصاروخية المضادة للسفن وصواريخ منظومة الدفاع الجوي أس-300 في البلاد، للاحتفاظ بأكبر مسار للهجرة غير الشرعية من أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا .
نفي روسي قاطع
بدوره استنكر رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول التسوية الليبية “ليف دينغوف” ما تم نشره في الصحيفة البريطانية، واصفا إياه بأنه لا يمت للواقع بصلة، وأردف بالقول لشبكة الأخبار الروسية “أر بي كي”: “هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها هذا الأمر لاسيما حينما تتفاعل روسيا مع أحد الأطراف في ليبيا، ويتم تفسير هذا التفاعل بشكل ملتو وإظهاره على أنه دعم أحادي الجانب”.
وأضاف قائلا:” لقد تم تحديد سياسة روسيا تجاه ليبيا، وهي القيام بمهام محددة تخصّ إعادة الروابط الاقتصادية بين البلدين، بالتعامل مع كافة الأطراف المعنية، ولدينا اتصالات وثيقة مع اللاعبين الدوليين الرئيسيين المهتمين بإعادة ليبيا إلى سابق عهدها، وهما فرنسا وإيطاليا فضلا عن اللاعبين الإقليميين.
من جانبها رفضت السفارة الروسية في المملكة المتحدة، ما نشرته “ذي صن” ووصفته بمحاولة جديدة لإلقاء مسؤولية تدمير ليبيا، وتحطيم حياة ملايين الليبيين، على عاتق روسيا التي لم تشارك في هجوم حلف شمال الأطلسي “ناتو” عام 2011، الذي انتقدت انتهاكَه الصارخ عددا من قرارات الأمم المتحدة.
وفيما قال ممثل عن السفارة لوكالة الأنباء الروسية: “لم تسع روسيا أبداً إلى تدخل عسكري وهي تدعم جهود صنع السلام في ليبيا، ونحن ملتزمون تماما بقرار مجلس الأمن رقم 1970 الذي فرض حظرا على إمدادات الأسلحة إلى ليبيا” .. أكد مصدر عسكري مقرب من وزارة الدفاع الروسية لـ “أر بي كي” أنَّ قوات روسية، من ضمنها قوات النخبة، تم إرسالها من موسكو، ونشرها تدريجيا في شرق ليبيا خلال الأشهر الأخيرة الماضية، وهو الأمر الذي عزّزته تصريحات أدلى بها مصدر محلي في الحكومة الليبية للإعلام الروسي، بشأن فعاليات عسكرية أخيرة من قبل روسيا في المنطقة.
اهتمام روسي بمستوى إنتاج النفط الليبي
وأكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط ووسط آسيا في موسكو “سيميون باغاداساروف”، المدافع بقوة عن وجود روسي أقوى، أنَّ موسكو لديها ما يحفّزها للانخراط بمشروعِ الطاقة في ليبيا، مصرِّحا لصحيفة “موسكو فسكي كومسوموليتس” بالقول: “كلّ أصحاب المصلحة في ليبيا مهتمّون بالنفط، واليوم هنالك مزيد منه يتم إنتاجه في البلاد؛ قياسا بما تم إنتاجه في عهد نظام القذافي، ويرغب الأوروبيون بشدة بالسيطرة على هذه الثروة، وهو ما يوجب تحويل نتيجة الانتخابات الليبية القادمة لصالحنا، لاسيما بعد لقاء الرئيس فلاديمير بوتين بأحد المرشحين للرئاسة، ولنوسع حضورنا بشكل أكبر في السوق النفطي الليبي، في ظل وجود حكومة صديقة لموسكو في طبرق”.
وأشار “باغاداساروف” إلى أن روسيا لا تهتمّ كثيرا بتحقيق العوائد المالية من خلال الوجود في السوق النفطي الليبي، لكنّها ترغب في التأكّد من ضبط أسعار النفط عالميا، ومنع انخفاضها بشكل حاد، مردفا بالقول: “أمَّا الأولوية الثانية لنا فهي القضاء على الإرهابيين الذين وجدوا في ليبيا أرضا مفتوحة للانتشار فيها، كما وجدوا ذلك في سوريا، وموسكو قادرة على التعامل معهم”.
عودة ليبيا وازدهار تجارة السلاح الروسي
وخلص “باغاداساروف” إلى القول:”وأخيرا فإنَّ العودة إلى ليبيا؛ قد تُعيد لروسيا مكانتها كمورد أساسي للسلاح لهذا البلد، لاسيما بعد أن تسبّب سقوط نظام القذافي بخسارة روسيا 10 مليارات دولار لعدم تنفيذ العقود العسكرية المتفق عليها، وسيساعد وجود قاعدة عسكرية روسية في ليبيا، على عودة هذا البلد؛ ليكون أكبر مشتر للسلاح الروسي مرّة أخرى”.
انتقاد لتعامل الكرملين مع الشرق الأوسط
وكتب “ألكساندر جولتس” المراقب العسكري في مجلة “نيو تايمز” الليبرالية المنتقدة بشدة للتعامل الحازم للكرملين مع الشرق الأوسط، مقالا في مجلة “دال ازهيدنيفني” في الـ11 من أكتوبر جاء فيه: “حسابات الفوائد المحتملة لروسيا في حالة التدخل في ليبيا، قد تتحول إلى هباء منثور، لاسيما في ظل حض البعض لروسيا على التورط في بلد يعاني من حربٍ أهلية وانقسامٍ منذ7أعوام، وفيه العشرات من الميليشيات القبلية غير خاضعة للسيطرة عليها، فالاستقرار في البلاد احتمال بعيد المنال، وحق روسيا في التدخل في كل هذا مثار شك، أمّا في سوريا فقد كانت هناك دعوة من الحكومة وفقا للقانون الدولي، وبهذا فإن أيّ دعمٍ لقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، يعني عملية سرية أخرى، وعندما يتم كشفها، ستتحول إلى أمر مخجل آخر لبلدنا”.
وقالت مديرة مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الوطنية الروسية للعلوم “فاليسي كوزنيتسوف”: “إن حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ونقل الوحدات العسكرية ساري المفعول”، وفي الوقت الحالي فإنَّ الحكومة الرسمية التي تعترف بها موسكو هي في العاصمة طرابلس، لذا فإن التصريحات المتعلقة بإرسال وحدة عسكرية روسية ليست صحيحة، وهناك شركات عسكرية إيطالية وفرنسية خاصّة، تدافع عن مواقع المشاريع الخاصّة، فضلا عن مرتزقة من الدول الأفريقية”.
قلق بريطاني لاستغلال موسكو ملف الهجرة
ونقلت “ذي صن” عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم “توماس توغندهات” قلقه من أنشطة موسكو التي لا يمكن التنبؤ بها في ليبيا قائلا: “الروس، دون أدنى شك، يرغبون باستغلال تدفّق المهاجرين الأفارقة لصالحهم”.
الأستاذ المساعد في كلية العلوم السياسية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو “غريغوري لوكيانوف”، وهو أحد رواد متابعة القضية الليبية، صرّح للمونيتور قائلا: “هناك سوء تفسير كبير لمعلومات مجزأة بشأن ليبيا تأتي من قنوات مختلفة، فالشائعات بشأن وجود قاعدة عسكرية روسية في ليبيا، يتم تداولها منذ عامين على الأقل، والآن هم يقولون إنَّ هنالك قاعدة في بنغازي، وهي مدينة كبيرة ولا يمكن بأي حال من الأحوال إخفاء هذه القاعدة في حقيبة مثلا، يجب أن يكون هناك منشأة عسكرية روسية، وهو ما يبحث عنه كتّاب القصص المثيرة، العاملين لحسابهم الخاص، لتكون أخبارا بين كل الأخبار، وهي ليست القضية الآن”.
ويضيف: “الوجود العسكري هو بخلاف الرغبات المعلنة لموسكو، ويخالف المبدأ المتبع من روسيا، وهو الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية، لكن الاستقرار في ليبيا يحتاج الى بعض الطرق البديلة الجديدة، وخبرة روسيا يمكن أن تكون أمراً مقدّر في هذه العملية”.