موائد رمضان والعيد.. مع قادة “القهر”
حمزة جبودة
لا لنشر صور مائدة الإفطار على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا ما سعى إليه بعض النشطاء مع بداية شهر رمضان المبارك، مند سنوات، والهدف منه بحسب المُشاركين في هذه الحملة، إن صحّت التسمية، احترام شعور من لا يملك ثمن “سُفرة الفطور المُشكّلة من الحارّ والحلو”. لذا يجب احترام “أصحاب الدخل المحدود”، إن افترضنا إن هذه التسمية، تصلح بعد الإخفاقات والفشل الاقتصادي الذي أفرز “أثرياء الصدفة” وقادة الحروب الذي تحوّلوا إلى سياسيين وداعمين للوفاق والتهدئة. واستبدلناها بُجملة “أصحاب الدخل المفقود”، أو أصحاب البلد الذي يحكمه “اللصوص” و”القتلة”.
بالعودة إلى ما دعا إليه وما يزال يدعو له النشطاء، حول عدم نشر صور الإفطار في رمضان، أستطيع أن أقول بشكل أكثر وضوحا، أنني ضد هذه الحملة من أساسها، بل أدعوا إلى نشر صور الأكل بكل أصنافه، ليس في رمضان فقط بل على مدار العام، يجب أن لا نتوقّف عن نشر صور الأكل على منصّات مواقع التواصل الاجتماعي. نعم أنا ضد هذه الحملات وأفكارها، وسأطرح أسبابي الحقيقية وراء معارضتي لهذه الأفكار، التي أحترم أصحابها، وأعرف جيدا أن دافعهم إنساني بحث.
أولها أننا نطمس حقيقة ما نعيشه جميعًا في بيوتنا، بمعنى أننا نحجب الواقع المُعاش، بحُجّة أننا نحترم مشاعر من لا يملك قوت يومه. أن ننشر صور الأكل واللباس وغيره من تفاصيل حياتنا، يعني أن نكشف أنفسنا ونطرح الاختلاف الذي نعيشه جميعًا.
ولكن حتى تتضح الصور لكم أكثر، سأدعو أعضاء المجلس الرئاسي وأعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وقادة الجيش الوطني، إلى ضرورة مشاركتنا بصور موائدهم الرمضانية وغيرها، ولأننا نقترب من أيام العيد وما بعده، علينا تشجيع ساسة ليبيا إلى مشاركتنا لهذه الحملة “نعم لنشر صور الأكل على منصّات التواصل، نعم للكشف عن الفجوة الكبيرة بين من يصدر البيانات من مكتبه الفاخر، وبين من يقرأها في بيته الذي يفتقد النور والأكل، نعم للكشف عن حقيقتنا التي نخجل الاعتراف بها، أننا لسنا واحد، مع ساسة ليبيا. نعم لترجمة تقرير ديوان المحاسبة الأخير، على منصّات التواصل، نعم لتكملة الصورة الناقصة ونشرها على منصّات التواصل.
ما حدث ويحدث كل عام يُلزمنا أن ندعو الجميع لنشر صور الأكل، وأوّلنا “الفُرقاء السياسيين”، عليهم مشاركة أهلهم في ليبيا، بموائدهم العامرة، عليهم مشاركة أهلهم في ليبيا، صور بيوتهم التي لا يصلها طرح أحمال الكهرباء ولا انقطاع المياه، عليهم الاقتراب أكثر من الناس والابتعاد عن “اللغة المجانية” التي حفظناها عن ظهر قلب، لسنا شركاء معكم فيما تفعلون، ولكنّنا شركاء لأننا ليبيون فقط، أمّا أفعالكم فهي ليست أفعالنا، وإن كنتم تشعرون بمُعاناتنا فعليكم بمشاركتنا كل تفاصيل حياتكم. شبعنا من صور استقبالاتكم للسفراء والوزراء والأعيان وقادة الجماعات المسلحة، وعلينا أن نرى تفاصيل حياتكم اليومية.. لا يعدّ هذا الأمر تدخلا في شؤونكم الخاصة، بل لأنكم جُزء من الحياة السياسية في ليبيا، ونحترم خصوصيتكم حين تعودون إلى بيوتكم وقبلها تقديم استقالاتكم، لأنكم حينها فقط، يحقّ لكم القول أننا نتدخّل في شؤونكم الخاصة.
وسأهدي لكم نصيحة ستنفعكم في الفترة القادمة، سأهديها لكم بمُناسبة مرور شهر رمضان المبارك علينا، ونحن في وجع لا يتوقف.. اعتبروا هذا الحملة التي دعوت لها، جُزءا من حملاتكم الانتخابية القادمة، بمعنى نشر صور حياتكم وتفاصيلها، لأجل الاقتراب من أهلكم أكثر، وحتى تكون صوركم أكثر تأثيرا، أنصحكم أن تلتقطوها مع أمّهاتكم وآباءكم وأخوتكم وأخواتكم أمام المصارف لساعات طويلة. عليكم ابتكار أفكار جديدة في حملاتكم الانتخابية، مثلا حاولوا الاستفادة من تقرير ديوان المحاسبة، واكتبوا هذه الجملة على صوركم ” شعبنا العظيم أنتم ديوان المحاسبة وأنتم القرار”!
كل عام وأنتم بخير، وإن لم تجدوه فهذا ليس ذنبي، وإن وجدته “أنا” فلن أهديه لكم، أعتذر!